الرابعة: قال في الدروس: " وبطهرها يطهر المباشر والرشاء " (1) والظاهر أن مراده من المباشر ما يعم بدنه وثيابه، لكن بشرط كون النجاسة الحاصلة فيهما مستندة إلى ما يلزمه النزح من مباشرة الماء المتنجس، وهذا الحكم لم يرد لبيانه نص بالخصوص غير أنه يستفاد من غير واحد كونه اتفاقيا، ويجوز للفقيه أن يستند فيه إلى ظهورات يستظهرها من الروايات بدلالاتها الغير المقصودة، مثل سكوتها عن إيجاب غسل هذه الأشياء بعد كمال النزح، وخلوها عما يدل على بقائها على نجاسة، مع أنها لا ينفك عنها النزح، واستحباب الزائد على المقدر في بعض المنزوحات من دون إشارة إلى تبديل الدلو والرشاء ولا تطهيرهما وتطهير المباشرة، مع أنه لو بقي أحد هذه الأشياء على نجاسة لسرت إلى ماء البئر لضرورة الملاقاة عادة.
وأقوى ما يستظهر منه ذلك الحكم صحيحة الفضلاء وصحيحة الفضل المتقدمتان في الأبواب السابقة، القائلة اولاهما بأنه: " يخرج، ثم ينزح من البئر دلاء، ثم اشرب منه وتوضأ " (2).
وثانيتهما: بأنه " يخرج، ثم ينزح من البئر دلاء، ثم يشرب ويتوضأ " (3) فلو أن الدلو وغيره لا يطهر بطهر الماء لكان عليه أن يقول بعد قوله (عليه السلام): " ثم ينزح "، " ثم يغسل الدلو، والرشاء، ويد المباشر، ثم يشرب ويتوضأ " وإلى بعض ما ذكرناه هنا أشار المحقق في محكي المعتبر قائلا: " بأنه لو كان نجسا لم يسكت عنه الشرع، ولأن الاستحباب في النزح (4) يدل على عدم نجاستها، وإلا لوجب نجاسة ماء البئر عند الزيادة عليه (5) قبل غسلها، والمعلوم من عادة الشرع خلافه " (6).
الخامسة: وجوب النزح على القولين توصلي ولو من جهة الأصل فيه، ولازمه أن لا يعتبر فيه نية ولا قصد القربة ولا مباشرة نفسية، فلو انعقد في الخارج على العدد المقدر لا بنية، أو بنية جهة اخرى، أو بنية نزح المقدر لكن رياء، كان كافيا في سقوط