الاسم كانسانين، أو في المقدر كالكلب والسنور.
قال في المنتهى: " إذا تكثرت النجاسة، فإن كانت من نوع واحد فالأقرب سقوط التكرير في النزح، لأن الحكم معلق على الاسم المتناول للقليل والكثير لغة؛ أما إذا تغايرت فالأشبه عندي التداخل.
لنا: أنه بفعل الأكثر يمتثل الأمرين فيحصل الإجزاء، وقد بينا أن النية غير معتبرة، فلا يقال: إنه يجب عليه النزحان، لكل نجاسة مقدار مغاير " (1) انتهى.
وتبعه في ذلك شارح الدروس (2)، وعن المحقق في المعتبر القول بعدم التداخل إذا كانت الأجناس مختلفة كالطير والإنسان، وإن تماثلت في المقدر، لأن الأصل في الأسباب أن تعمل عملها ولا يتداخل مسبباتها، وتردد إذا كانت متساوية، لأن النجاسة من الجنس الواحد لا تتزايد، إذ النجاسة الكلبية موجودة في كل جزء، فلا يتحقق زيادة توجب زيادة النزح، وأن كثرة الواقع تؤثر كثرة في مقدار النجاسة فتؤثر شياعا في الماء زائدا، ولهذا اختلف النزح بتعاظم الواقع.
وربما يحكى عن ابن إدريس (3) التصريح بالفرق من دون تردد.
حجة القول الأول: ما تقدم في أول شقي المعتبر، وقد يقرر: بأن مقتضي دليل كل نوع سببية وقوعه لاشتغال الذمة بنزح المقدر، فتعدد السبب يقضي بتعدد الاشتغال، وهو يقضي بتعدد الامتثال.
وهذا القول هو الأقوى على ما قررناه في كتبنا الاصولية، والحجة المذكورة مما لا دافع لها، من غير فرق في ذلك بين القول بالتنجيس والقول بوجوب النزح تعبدا، وإن كان على الثاني أظهر.
فإن قلت: نمنع استفادة السببية عن أدلة أنواع النجاسة، لجواز كونها معرفات كما في سائر العلل الشرعية للأحكام، فلا مانع من تعددها على معلول واحد.
قلت: مع أنه لا يجري على القول بالتنجيس، لضرورة كون وقوع كل نوع سببا لنجاسة البئر، إن اريد به كونه مجرد احتمال فهو مما لا يصغى إليه في إخراج الخطاب عن ظاهره، ولا يقدح في وجوب الأخذ بالظاهر، حيث إن الاستدلال ليس بعقلي صرف.