التغير بتجدد الماء من المادة، فيعتبر فيه النزح ثم تجدد الماء ثم زوال التغير، فلا يكفي الأول بدون الأخيرين، ولا الأوسط بدون الطرفين، ولا الأخير بدون الأولين، خلافا لما حكي من القول بكفاية زوال التغير بالنزح وإن لم يتجدد الماء تعويلا على إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن بزيع " فينزح حتى يذهب اللون ويطيب الطعم " (1)، والمحكي الآخر من القول بعدم اعتبار النزح وكفاية زوال التغير لاتصاله بماء المادة، بناء على أن علة النزح في الصحيحة زوال تغيره فهو المقصود دونه، وذكره في الصحيحة لكونه مقدمة له في الغالب.
لنا: الصحيحة المذكورة المذيلة بقوله: " لأن له مادة " (2) بناء على رجوعه علة للملازمة بين النزح وزوال التغير كما هو الظاهر، لا لأن المطهر هو زوال التغير مستقلا، بل لأنه الماء المتجدد أو هو وزوال التغير معا.
ولا ينافيه عدم التصريح به في العبارة، لأن تعليل زوال التغير بوجود المادة نظرا إلى انتفاء الملازمة بينهما لا يظهر له أثر بدون التجدد فهو مذكور بحكم تلك الملازمة، ويمكن اعتبار كونه مذكورا بحكم ملازمة النزح لزوال التغير مع ملاحظة أن النزح بنفسه لا يؤثر في الزوال وإن بلغ إلى إخراج الكل.
وقد يستند في ذلك إلى الغلبة نظرا إلى أن الغالب في زوال التغير بالنزح تحققه بالتجدد لا مطلقا.
وبكل من هذه التقادير يندفع أول القولين المذكورين ومستنده، وأما ثانيهما فضعفه مع مستنده يظهر بملاحظة ظهور كلمة " حتى " في الانتهاء.
نعم، ربما يشكل إثبات الدلالة على مدخلية تجدد الماء في حصول الطهر وإن سلمنا الدلالة على اعتبار وجوده، لجواز كون اعتباره من جهة أنه مقدمة دائمية أو غالبية لزوال التغير بالنزح.
ولكن يمكن دفعه: بأنه كما لا يدل على المدخلية على نحو يوجب الاطمئنان فكذلك لا يدل على المقدمية بهذا العنوان، فيبقى احتمال المدخلية مقتضيا لجريان الاستصحاب وفيه الكفاية حتى بالقياس إلى اعتبار النزح وإن فرضنا عدم ورود النص