قائما فأكرمه "؛ لظهور الثاني في اعتبار فعلية التلبس حدوثا وبقاء بخلاف الأول.
ولكن يمكن رفعه بأن الثبوت في جانب المنطوق وإن كان أعم من التلبس المسبوق بالوجود وهو العدم الابتدائي، وأما عدم التلبس المسبوق بالوجود الذي هو من قبيل محل البحث فخارج عن مدلول اللفظ منطوقا ومفهوما، فلا دلالة في هذه الجملة من الأخبار أيضا على زوال النجاسة بمجرد زوال التغير.
وأما الشبهة الثانية: فإنما نتفصى عنها بالتزام دخول محل البحث في مناطيق المتقدم إليها الإشارة، فتكون النجاسة في الماء المتغير بعد زوال تغيره ثابتة بإطلاق الدليل إلا في وجه ضعيف نشير إليه، ضرورة أن الأخبار الدالة على علية حدوث التغير مطلقة بالقياس إلى حالتي بقاء التغير وزواله، وكما أن قولك: " إن قام زيد فأكرمه " يدل في متفاهم العرف على وجوب الإكرام بمجرد حدوث التلبس بالقيام وبقاء ذلك الواجب على الذمة إلى أن يحصل أداؤه في الخارج ولو بعد زوال التلبس، ولا ينافي ذلك مفهوم الشرطية وهو عدم وجوب الإكرام عند انتفاء التلبس رأسا، فكذلك أخبار الباب في دلالتها على علية حدوث التغير للنجاسة، فإنها أيضا بإطلاقها تنفي شرطية البقاء وتدل على بقاء النجاسة إلى أن يحصل رافعها ولو بعد زوال التغير، فمن أنكر ذلك فقد كابر وجدانه.
نعم، يشكل الحال بالقياس إلى جملة من تلك الأخبار المتقدم إليها الإشارة أيضا، لما عرفت فيها من أن عدم التلبس المسبوق بالتلبس غير داخل فيها منطوقا ولا مفهوما، وليس ذلك إلا من جهة أنه لا إطلاق فيها منطوقا بالقياس إلى حالتي بقاء التلبس وزواله، لكن قد عرفت أنها باعتبار المفهوم ظاهرة في نفي النجاسة عند انتفاء التغير رأسا من غير تعرض فيها مفهوما لحكم زوال التغير، فإن تم ذلك الظهور سهل الذب عن هذا الإشكال، ضرورة أن هذا الظهور لاختصاصه بانتفاء التغير رأسا مما يحرز به بالقياس إلى زوال التغير بعد حدوثه موضوع الاستصحاب بالمعنى المعروف، ولما كان الاستصحاب بهذا المعنى مما لا يعارض الدليل فيكون إطلاق المنطوق في الأخبار الاخر واردا عليه رافعا لموضوعه.
وعليه يكون مدرك النجاسة هو الاستصحاب بالمعنى الثالث مما تقدم وهو العمل بإطلاق النص؛ وإلا وقع التعارض بين مفهوم هذه الجملة من الأخبار ومنطوق الأخبار