كإزالة النجاسة عن الثوب والبدن، لأن كل ذلك يتضمن الطلب الحتمي وهو منتف في المقام، وهذا المعنى من الوجوب قد يسمى عندهم بالوجوب الشرطي قبالا للنفسي والغيري، وإن كان إطلاق الوجوب عليه باعتبار المعنى المصطلح عليه مجازا، ولا يخفى أن الوجوب بهذا المعنى يصح إطلاقه على كل ما هو شرط لإباحة شئ محرم، كاستئذان المالك مثلا عند إرادة التصرف في ملكه، فأنه محرم بدون الإذن.
وعلى هذا المعنى يحمل قولهم: يجب الوضوء للنافلة، ولمس كتابة القرآن، ويجب الغسل لدخول المساجد، وقراءة العزائم ونحو ذلك، وممن صرح بثبوت هذا الإطلاق وثبوت التسمية المذكورة عندهم صاحب المدارك في أول الكتاب عند شرح قول المحقق: " فالواجب من الوضوء ما كان لصلاة واجبة ". بقوله: " إنما قيد الصلاة بالواجبة، لعدم وجوب الوضوء للنافلة، وإن كان شرطا فيها، إذ لا يتصور وجوب الشرط لمشروط غير واجب، ولأنه يجوز تركه لا إلى بدل، ولا شئ من الواجب كذلك.
وقد توهم بعض من لا تحقيق له وجوب الوضوء للنافلة، لتوجه الذم إلى تاركه إذا أتى بالنافلة في تلك الحال، وهو خطأ، فإن الذم إنما يتوجه إلى الفعل المذكور لا الترك، وأحدهما غير الآخر.
نعم، قد يطلق على هذا النوع من الندب اسم الواجب تجوزا، لمشابهة الواجب في أنه لابد منه بالنسبة إلى المشروط، وإن كان في حد ذاته مندوبا، ويعبر عنه بالوجوب الشرطي إشارة إلى علاقة التجوز " (1) انتهى.
وعلى هذا فاستعمال الماء قبل النزح يستتبع استحقاق العقوبة بالنسبة إلى فعل المحرم لا بالنسبة إلى ترك الواجب، و لا يخل ذلك في صحة ما استعمل فيه ذلك الماء كالطهارة لمشروط بها ما لم يندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي المستحيل عندنا، و لا أنه يفيد تحريما في فعل متوقف على استعمال الماء فيه مشروط بطهارة ذلك الماء كما في المأكول، نعم يفيد تحريما في استعمال المشروب لا بعنوان أنه شرب للماء، بل بعنوان أنه استعمال لما لا يجوز استعماله بدون الشرط المذكور، كما أن أكل مال الغير حرام لا بعنوان أنه أكل، بل بعنوان أنه إتلاف لمال الغير بدون إذن منه.