توهم كونه طريق جمع بين الروايات القاضية بطهارة ماء البئر الملاقي للنجاسة والأخبار الآمرة بالنزح، فالقول بالطهارة مع وجوب النزح تعبدا جمع بينهما في العمل.
ويرد عليه: أن بناء هذا الجمع - مع كون الوجوب عبارة عن المعنى المتقدم - على حمل الأوامر والجمل الخبرية الواردتين في أخبار النزح على كونها للإرشاد إلى الواقع، المفيد لشرطية النزح لجواز الاستعمال، المستلزمة لحرمته بدونه.
ويعارضه إمكان حملها على الاستحباب الغير المستلزم لحرمة الاستعمال بدونه.
واختيار الأول دون الثاني لابد له من شاهد خارجي، وأي شئ في المقام ينهض شاهدا بذلك، مع ما فيه من استلزامه حرمة الاستعمال التي هي مخالفة للأصل، إذ المفروض أنها لم تثبت بدليل منفصل عن تلك الأخبار، وإنما تثبت بعد حمل أوامرها مع جملها الخبرية على بيان الشرطية من باب الدلالة الالتزامية.
مع إمكان ترجيح الثاني عليه بشهادة نفس الأخبار القاضية بالطهارة، بملاحظة ما في أكثرها من إطلاق نفي البأس، و لا ريب أن وجوب النزح بالمعنى المصطلح عليه - إن ثبت به قول - و حرمة الاستعمال بدونه - كما يقول به الجماعة - بأس.
مع ما يلزم على هذا القول من تجويز المعصوم (عليه السلام) لاجتماع الأمر والنهي في الأخبار النافية للبأس عن استعمال الماء المفروض قبل النزح - كما هو مورد تلك الأخبار - لو صح الوضوء والغسل بهذا الماء قبله كما هو مقالتهم المتقدمة، إذ مبنى ذلك على جعل إطلاق نفي البأس الوارد فيها شاملا لصورتي العلم بملاقاة النجاسة والجهل بها إلى ما بعد الاستعمال، وإن اختص موردها بصورة الجهل كما لا يخفى، نظرا إلى أن خصوصية مورد السؤال لا تصلح مخصصة لعموم الجواب أو إطلاقه، فيرجع مفاد قولهم: " لا بأس بالماء المفروض، أو باستعماله المفروض " إلى أنه لا بأس به سواء كان في صورة العلم أو الجهل، و لا ريب أن نفي البأس عنه في صورة العلم مع قصد صحة العمل تصريح بجواز اجتماع الأمر والنهي، وهو على خلاف مقتضي العقل القاطع.
إلا أن يقال: بمنع تناول الجواب لصورة العلم أيضا، بل إطلاقه ينزل إلى مورد السؤال كما هو الأظهر، بل لا إطلاق في جملة منها لصراحتها في صورة الجهل حين الاستعمال كما لا يخفى، فنفي البأس عن الاستعمال المذكور في صورة الجهل المتضمن