إلى ما تقرر منه في الخارج.
ولا سبيل إلى الأخير بشئ من محتملاته، إذ مبنى الفرض على أن السائل بعد اعتقاده بأصل النجاسة، وأن زواله يفتقر إلى مطهر لا محالة، تصدى للسؤال عن تعيين المطهر، كما هو ظاهر قوله: " ما الذي يطهرها "؟ فهو على تقدير إصابة اعتقاده للواقع كان في مقام الحاجة إلى البيان، ولو كانت حاجته مجرد العلم بحكم المسألة فلا يناسبه الإجمال، ولا تأخير البيان إلى غير زمن السؤال، ولا إحالته إلى ما هو مقرر في الخارج، لأن ذلك يوجب خروج السؤال منه لغوا، حيث أنه قبل السؤال كان عالما - على فرض علمه بالنجاسة بحسب الواقع - بأن هناك مطهرا معينا في الواقع مقررا في الخارج، ولو كان مجرد ذلك كافيا له في استحصال التعيين لما تعرض للسؤال.
واحتمال اقتران الجواب بالبيان أيضا، أو بما يرشده إلى البيان الثابت في الخارج وقد اختفى ذلك علينا، يدفعه: الأصل، فتعين حينئذ أحد الوجهين الأولين.
ولا ريب أن الجواب على أولهما يفيد ردعا للسائل عن اعتقاده، لأن التخيير المطلق لا يلائم العدد المعين الذي يعتبره أهل القول بالنجاسة، فيرجع مفاده إلى أن مورد السؤال لم يقرر له في الشريعة مطهر معين، لا لأنه يحتاج إلى مطهر معين ولم يبين مطهره، فإن ذلك محال على الإمام (عليه السلام) لكونه من أنحاء الجهل بالحكم الشرعي، بل لأنه لا يفتقر إلى مطهر فكيف يستحصل تعيينه.
غاية الأمر أن هناك نزحا ثابتا بعنوان الوجوب، أو الاستحباب، وأنت مخير فيه بين الزائد والناقص، ولا يعقل التخيير بينهما بالقياس إلى المطهر الذي هو من قبيل الوضعيات - لو سلمنا إمكانه في التكليفيات - لأن الوضعيات - التي تكون من مقولة المقام - أسباب واقعية لا تتغير باعتبار العلم والجهل، والقصد والإرادة، فلا يطرأها الاختلاف بالوجوه والاعتبارات، فالناقص إن كان صالحا للتطهير فبمجرد حصوله يترتب عليه الأثر، ويبقى اعتبار الزيادة في الفرد الزائد لغوا، وقصد اختيار الزائد لا يعطيها التأثير والمدخلية في الأثر.
بخلاف التكليفيات فإنها لقبولها التغير والاختلاف بالوجوه والاعتبارات، التي منها قصد المكلف ونيته، ومنها اشتمال الناقص بوصف أنه ناقص على مصلحة مشتركة بينه