إليها الوجهان الأولان مما ذكرناه بالقياس إلى الصحيحة الاولى، كما لا يخفى على المتأمل.
ومحصل الجواب: أن ترك العمل بأخبار الطهارة عملا بأخبار النجاسة خلاف الإنصاف، وخلاف طريقة الاجتهاد وقواعد الاستنباط، وقوانين فهم الألفاظ، وليس لهذا القول بعد ذلك مما يصلح الاستناد إليه إلا الإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة، والأخبار المتضمنة للنزح كما حكي الاستدلال بهما أيضا.
والجواب عن الاولى: قد تبين بما ذكر من قيام ما يوهنها، فلا يمكن التعويل عليها، وعن الثانية: بمنع دلالتها على الوجوب أولا، لقيام ما يزاحمها في تلك الدلالة مما يصرفها إلى الاستحباب أولا (1)، ومنع الملازمة بين وجوب النزح والنجاسة، بعد قيام قوة احتمال التعبد - كما عليه جماعة - ولا سيما مع ملاحظة كون الحمل عليه طريق جمع بينها وبين أخبار الطهارة، مع كثرتها واعتبارها سندا وقوتها دلالة، مضافا إلى ورود النزح في أشياء طاهرة كما ستعرف.
وأما القول بالفرق بين الكر وما دونه: فحكي الاحتجاج له بوجوه:
أحدها: رواية الحسن بن صالح الثوري المروية في التهذيبين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا كان الماء في الركي كرا لم ينجسه شئ " (2).
وثانيها: ما عن الفقه الرضوي حيث قال (عليه السلام): " وكل بئر عمق مائها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها، فسبيلها سبيل الماء الجاري، إلا أن يتغير لونها أو ريحها " (3).
وثالثها: موثقة عمار - المتقدمة - قال: سئل عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن البئر يقع فيها زنبيل من عذرة يابسة أو رطبة، فقال: " لا بأس إذا كان فيها ماء كثير " (4).
ورابعها: عموم ما دل من الأخبار على اشتراط الكرية في عدم الانفعال.
وأجاب الشيخ (5) عن الأول بوجهين:
أحدهما: أن يكون المراد بالركي المصنع الذي لا يكون له مادة بالنبع، دون الآبار