العبارة المنقولة عن الموجز قاصرة عن تأديته، ولعلها ظاهرة في موافقة المشهور، حيث قال: " وكذا ماء الغيث نازلا ولو من ميزاب " (1) فإن اعتبار النزول هو القول المشهور بعينه، ولا ينافيه تعميمه بالقياس إلى الميزاب، لأن تحقق النزول بالقياس إلى ما لا يصيبه السماء قد يكون بالميزاب الحاجز بينه وبين السماء، أو أن النزول المعتبر في حفظ الماء عن الانفعال أعم من كونه من السماء بلا واسطة أو منها بواسطة الميزاب، أو أن حالة النزول من السماء مقتضية لاعتصام الماء عن قبول الانفعال ولو بالقياس إلى ما ينزل منه من الميزاب، وحاصله عدم اختصاص الحكم مع هذه الحالة بما له مبدأ النزول عنها فعلا، بل يتعدى إلى ما انقضى عنه ذلك المبدأ لكن ما دامت الحالة باقية.
ويمكن إجراء ما يقرب من هذا التوجيه في كلام الشيخ أيضا وإن كان خلاف الظاهر، ولعله لذا عبر العلامة في المنتهى عند حكاية مذهبه بقوله: " ويلوح من كلام الشيخ في التهذيب (2) والمبسوط (3) اشتراط الجريان من الميزاب " (4) وعلى هذا فلم يتحقق منه المخالفة وإن اشتهر في الألسنة، وعن الفاضل الجواد (5) أنه اعتبر أن يكون لماء المطر قوة بحيث يصلح للجريان، وإن لم يكن جاريا بالفعل، وعزى إلى جملة ممن تأخر عنه الميل إليه. فأقوال المسألة - بضميمة ما عرفته عن الروض - (6) أربع، وقد يحكى عن العلامة الطباطبائي في المصابيح (7) تسديس الأقوال.
أحدها: كفاية النزول من السماء مطلقا، ولو بنحو قطرة واحدة، وهو المحكى عن الروض (8).
وثانيها: اشتراط قوة يصح معها إطلاق اسم الغيث والمطر عرفا، وإن قل أو لم يجر وهو المشهور.
ثالثها: اعتبار الكثرة والجريان ولو قوة، وهو اختيار الفاضل الأردبيلي (9).