لكن لما لم يثبت عندنا جابر لإرسال تلك الرواية كان الواجب علينا الآن الاقتصار على مورد الدليل، وليس إلا الأرض، والذي يدل عليه جملة من الأخبار المتقدمة.
منها: الصحيحة الاولى الواردة في المرور في ماء مطر، صب فيه خمر فأصاب الثوب، المحكوم على الصلاة فيه قبل الغسل بعدم البأس، مع التصريح بعدم وجوب غسل الثوب والرجل.
بتقريب: أن الخمر ما دامت عينها باقية في الأرض توجب نجاستها جزما، وإن لم تتميز أجزاؤها عن الماء في نظر الحس، فلولا طهرها بسبب المطر لم يكن للحكم بعدم البأس وعدم وجوب الغسل معنى، ضرورة العلم العادي بأن ما أصاب الثوب من الماء كان مستصحبا للأجزاء الأرضية لا محالة، وهي باقية على ما كانت عليها من النجاسة، فتكون كافية في المنع عن الصلاة ووجوب غسل الثوب بل الرجل أيضا، ضرورة اشتمالها بواسطة الماء على الأجزاء الأرضية لا محالة، والمناقشة فيها بابتناء المطلب على نجاسة الخمر وهي ممنوعة، قد عرفت دفعها.
ومنها: الصحيحة الخامسة الواردة في السطح يبال عليه فيصيبه السماء، فيكف فيصيب الثوب، الحاكمة بعدم البأس، بتقريب ما مر.
ومنها: الصحيحة السادسة بهذا التقريب، والكلام في قضية اشتراط الجريان فيها كما مر، ويدل عليه أيضا إطلاق المرسلة الثامنة، النافية للبأس عن طين المطر، غير أنك قد عرفت الإشكال في جواز الاستناد إليها، لما فيها من الإرسال الذي لا نعلم بجابر له.
وثالثها: ماء المطر كما أنه مطهر للأرض كذلك يطهر الماء المتنجس، وقد يدعى الإجماع عليه إذا كان واردا عليه بطريق الجريان من الميزاب، والشهرة إذا كان بطريق الجريان مطلقا أو الكثرة.
وعن الذخيرة (1) نفي الريب في تطهيره بمطلق الجريان وهذا الحكم على تقدير صحة الاستناد إلى مرسلة الكاهلي واضح وعمومها يقتضي عدم اعتبار الجريان من الميزاب وغيره، ولا الكثرة ولا الامتزاج ولا استيعاب المطر لسطح الماء، لا بمعنى كفاية ورود قطرة واحدة عليه - كما حكي القول به عن بعض الفضلاء (2) - ولو كان الماء