يصلح كونه عيبا في نظر العرف.
والإنصاف: أن مجرد هذه الاستظهارات لا يصلح حاكما على الأخبار المتقدمة الدالة على إناطة النجاسة بالعلم بها، بل لابد في ذلك من وجود نص معتبر صريح الدلالة، ولم نقف إلى الآن بعد ما تتبعنا بقدر الوسع على ما يقضي بذلك من الأدلة الشرعية، وإن قال السيد في مناهله: " و سمعت من الوالد دام ظله العالي وجود رواية دالة على حجية شهادة العدلين مطلقا " (1).
نعم يمكن الاستناد في ذلك إلى ما في الاستبصار عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن البينة إذا اقيمت على الحق، أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم؟
قال: فقال: " خمسة أشياء يجب على الناس أن يأخذوا بها بظاهر الحال، الولايات، والمناكح والمواريث، والذبائح، والشهادات، فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه ". (2) ويمكن أن يكون المراد من الرواية التي حكى وجودها السيد عن أبيه (قدس سرهما) هو هذه الرواية، و فيه: أنها لو خلي و طبعها وإن كانت عامة، غير أن سياقها سؤالا وجوابا يقضي بعدم كون المعصوم (عليه السلام) بصدد بيان هذا الحكم العام، وإنما هو في مقام إعطاء حكم آخر، و هو أن الشهادات التي يجب الأخذ بها في مواردها إنما يؤخذ بها بلا تفتيش عن البواطن، كما تنبه عليه الشيخ في الاستبصار قائلا - في تفسيرها: " أنه لا يجب على الحاكم التفتيش عن بواطن الناس، وإنما يجوز له أن يقبل شهادتهم إذا كانوا على ظاهر الإسلام والأمانة، وأن لا يعرفهم بما يقدح فيهم ويوجب تفتيشهم " (3)، انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
فقضية كونها مما يجب قبولها بظاهر الحال بالنسبة إلى جميع المقامات، أو بالنسبة إلى موارد مخصوصة غير متضحة الدلالة، فالتشبت بمثل ذلك في إخراج الأخبار الكثيرة