غير فرق بين سبق العلم بالكرية ولا سبقه بعدمها، ولا انتفاء العلم رأسا، لدخول كل في موضوع الطهارة، وهو الذي لا يعلم فيه بتحقق سبب النجاسة.
واستصحاب عدم الكرية في بعض تلك الصور لا يجدي نفعا في تحقق موضوع النجاسة، لأن عدم الكرية ليس سببا للنجاسة، وإنما هو شرط لها، وإحراز الشرط بالاستصحاب حال فرض تحقق الملاقاة لا يقتضي بإحراز المشروط إلا من باب الاصول المثبتة، لعدم كون هذه النجاسة على فرض طريانها من الأحكام الثابتة للمستصحب في حال اليقين.
إلا أن يقال: بأن لا عبرة بفعلية طرو هذه النجاسة في الزمن السابق، ولا ريب أنه ثمة كان صالحا لأن يطرأه النجاسة وهو من أحكامه السابقة، فيستصحب تلك الصلاحية، على معنى كما أنه كان قابلا للانفعال في الزمن السابق فيكون كذلك الآن للاستصحاب، لكن صلاحية قبول الانفعال غير قبوله فعلا، والمطلوب إثبات الثاني، ولعل إثبات الأول غير كاف فيه، فتأمل وتحصن بالاحتياط جدا.
والكلام في قبول شهادة العدلين بالكرية في الحمام كما مضى من عدم خلوه عن الإشكال، مع موافقته للاحتياط الذي هو حسن على كل حال، وأما قبول قول ذي اليد في إخباره بها مالكا أو وكيلا أو مستأجرا فليس بمحل للإشكال.
فلو اتصل ماء الحوض بعد تنجسه بالمادة المشكوك في كريتها - بناء على اعتبار الكرية فيها - كان استصحاب النجاسة خاليا عن الإشكال أيضا، ولا يعارضه استصحاب الكرية في بعض الصور المتقدمة، لما مر من كونه استصحابا في موضع انتفاء موضوع الطهارة، ومن هنا يعلم حكم الملاقي لذلك الماء المستصحب نجاسته، فإنه أيضا ينجس بحكم الشرع، ولا حكم لاستصحاب طهارته بعد ما أحطت خبرا بما قررناه.
* * * * * * * *