فلا يقال عليهما عرفا: " إن هذا ماء " بل لو قيل ذلك مع انكشاف المراد كان مستهجنا، بخلاف ما لو قيل: " هذان أو هذا وهذا ". ولا ريب أن كلا منهما دليل التعدد، ومعه لا يندرج المجموع في منطوق " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ". إلا أن يقال: بأن العبرة في المقام صدق عنوان المائية على المجموع مع وقوع اسم الكر على ما صدق عليه ذلك العنوان، لا بوقوع اسم الإشارة عليه بصيغة المفرد، وعدم وقوع لفظة " هذا " على المجموع من جهة أنها بحسب الوضع أو الاستعمال مخصوص بما هو ملزوم للوحدة والفردية، وهو الجزئي الخارجي من المشار إليه، بخلاف لفظة " الماء " لكونها بحسب الوضع للجنس المعرى عن وصفي الوحدة والكثرة، فتصدق اللفظ من جهته على الواحد والاثنين وما زاد، فيتبعه لفظ " الكر " في صدقه على ما صدق هو عليه.
ولكن الإنصاف: أن الحكم إنما يتبع الظهور والصدق إذا كان الظهور من مقتضى الهيئة التركيبية المأخوذة في الخطاب، ولا ريب أنها قد تكون ظاهرة في خلاف ما اقتضته مفرداتها باعتبار أوضاعها الأفرادية فلفظ " الماء " وإن فرضناه صادقا بنفسه على ما عدا الواحد أيضا، لكن الهيئة التركيبية في قوله " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " تنصرف عرفا إلى صورة الاتحاد.
فالأولى أن يقال في الجواب: إن قولكم: يصدق عليه أنه " ماء قليل لاقى نجاسة " إما أن يراد منه صدقه على المجموع، أو على المادة وحدها، أو على ما في الحوض وحده، ولا سبيل إلى الأول، لأن مبنى صدق كونه ماء قليلا على عدم اعتبار الوحدة في صدق قضية المفهوم من الرواية، وإذا جاز ذلك هنا جاز في المنطوق أيضا على تقدير بلوغ المجموع كرا، فلا ملازمة بين قصور المادة عن الكر وصدق القليل الملاقي للنجاسة على المجموع على التقدير المذكور.
ولا إلى الثاني، لمنع صدق الملاقاة للنجاسة على المادة ولو بالمعنى الأعم المتنجس، ضرورة كونها حال الاتصال ملاقية لما في الحوض، وهو إن لم يكن طاهرا بملاحظة النص الغير الفارق بين كرية المادة وعدمها، فلا أقل من كونه مشكوك الحال بملاحظة الشك في اعتبار كرية المادة وعدمها، ومعه لا يحكم عليه بالنجاسة جزما، فكيف يقال: بأن المادة حينئذ ملاقية للنجاسة أو المتنجس، وإنما هي ملاقية لما يحكم