وفيه: أن الغلبة إن كانت مما يعتد بها هنا فلا كرامة لفرض التعارض حينئذ ليوجب مراجعة الترجيح، فإنه فرع الدلالة وهي نافية لها، وإلا فلا وجه لدعوى ضعف الإطلاق، مع أنه يعارضه كون التقييد المذكور تقييدا فيما هو أقل أفرادا من أخبار الانفعال فيكون تقييدا في الأظهر، ولا ريب أن تقييد الظاهر أولى، فإن الإنصاف أن أخبار الحمام أظهر في الشمول لصورتي الكرية وعدمها من أخبار الانفعال في الدلالة على عموم الحكم للحمام أيضا، بل هو فيما بين أفراد الماء القليل من نادر الأفراد، ومن هنا اتجه المعارضة من جهة اخرى بالنظر إلى دعوى الندرة في خلاف الكرية في ماء الحمام الموجبة لضعف الإطلاق فيها.
وقد يمنع التعارض أيضا، بناء على اختصاص أدلة الانفعال بصورة ورود النجاسة على الماء، فلا يشمل مثل المقام.
واجيب: بأن الكلام في انفعال الماء الموجود في الحوض الصغير بورود النجاسة عليه، لا فيما يرد عليه.
أقول: وكأن المنع مبني على توهم كون الكرية إنما تعتبر في المادة لتطهير ماء الحوض عند تنجسه، فاعتبرت الكرية فيها - على القول به - صونا لها عن الانفعال بملاقاة المتنجس، فجوابه حينئذ ما تحقق في محله من عدم الفرق في الانفعال بين الورودين.
وقد يعترض على القول باشتراط الكرية في المادة: " بأنه ينافي ما هو كالصريح من الأخبار من أن ماء الحمام له خصوصية على غيره من المياه، إذ على تقدير الاشتراط يكون حاله كغيره من المياه، كما اعترف به الشهيد في الذكرى " (1) (2).
ويدفعه: ما أشرنا إليه آنفا، من أن الخصوصية لعلها اعتصامه بما هو ليس جزء منه، وحاصله عدم اعتبار الكرية فيه لمجرد اتصاله بما ليس منه.
والأولى في دفع القول: منع شمول دليله المدعى - حسبما قررناه - وهو مما لا إشكال فيه، ضرورة أنه بمجرد اتصاله بالمادة لا يصدق عليه: أنه ماء وهو بقدر الكر فلا ينجسه شئ فلا يتناوله منطوق قولهم (عليهم السلام): " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ "