إذا لاقته النجاسة حال اتصاله بالمادة لا ينفعل به ما لم يتغير أحد أوصافه، والأصل فيه بعد الإجماع - محصلا في الجملة ومنقولا - صحيحة داود بن سرحان المروية في التهذيب، قال: قلت لأبي عبد الله ما تقول في ماء الحمام؟ قال: " هو بمنزلة الجاري " (1).
وما نقل عن قرب الأسناد عن إسماعيل بن جابر، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال:
إبتدأني فقال: " ماء الحمام لا ينجسه شئ " (2) وخبر أبي الحسن الهاشمي - المروي في التهذيب - قال: سئل عن الرجال يقومون على الحوض في الحمام، لا أعرف اليهودي من النصراني، ولا الجنب من غير الجنب؟ قال: " يغتسل منه، ولا يغتسل من ماء آخر فإنه طهور "، وعن الرجل يدخل الحمام وهو جنب فيمس الماء بيديه من غير أن يغسلهما؟ قال: " لا بأس "، وقال: أدخل الحمام فأغتسل، فيصيب جسدي بعد الغسل جنبا، أو غير جنب؟ فقال: " لا بأس " (3).
وخبر حنان - الوارد في الكافي - قال: سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله (عليه السلام) إني أدخل الحمام في السحر، وفيه الجنب وغير ذلك، فأقوم، فأغتسل فينتضح علي بعد ما أفرغ من مائهم؟ قال: أليس هو جار؟ قلت: بلى، قال: " لا بأس " (4)، والاستدلال به مبني على كون الجاري في قضية الاستفهام استعارة، مرادا به كونه بمنزلة الجاري، والتشبيه به على حد ما هو في " الطواف بالبيت صلاة " كما هو الظاهر، بملاحظة أن المعهود في ماء الحمام كونه حارا فلا يكون جاريا بالمعنى المعهود.
وخبر بكر بن حبيب عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة " (5)، و خبر ابن أبي يعفور المتقدم المتضمن لقوله (عليه السلام): " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (6)، بناء على أن المراد بالتطهير العصمة كما تقدم، بعد فرض انجبار السند بالعمل.