أغلظ، وهو كما ترى.
واشتراط اتصاله بها، فلأنه المتبادر عرفا من عبارة قوله (عليه السلام): " إذا كانت له مادة "، و لأنه لولا اتصالها به كان وجودها بمنزلة عدمها، فإنها إنما اعتبرت عاصمة، ولا يعقل العصمة لها إلا مع الاتصال.
فما يقال: من أن ذكر الحياض الصغار في تفسير ماء الحمام لعله مبني على المثال، أو لأنه محل الثمرة غالبا، وإلا فلو كان في الحوض الكثير ما ينقص عن الكر لحقه الحكم، ليس على ما ينبغي إن اريد به الحوض الكبير المعد مادة.
ومنه يظهر ضعف ما قيل من إمكان أن يقال: إن الماء المنبسط في أرض الحمام المتصل بالحوض الصغير أو الكبير المتصلين بالمادة حكمه حكم ما في الحياض، إن اريد به إدراج ذلك في الروايتين، وإن اريد استفادة حكمه من باب تنقيح المناط فلا بأس به.
وأضعف منه - الذي ينبغي القطع بفساده - ما قيل: من قوة احتمال تمشي الحكم إلى حياض المسلخ، بل الماء الذي في البئر إذا اتصل الماء النازل من المادة بالحوض، واتصل ماء الحوض بالماء المنبسط على أرض الحمام، واتصل ذلك بماء البئر، إلا أن يكون ذلك من باب تنقيح المناط أيضا لا من جهة شمول النصوص، وتفسير المادة بالحوض الكبير لأجل أن ماء الحمام لا مادة له سواه.
ثم من الواضح أن المراد بالحمام وحياضه في الأخبار وكلام العلماء الأخيار ما يقع عليه الاسم عرفا، ولو كان في الآن الحاضر على الهيئة المغايرة للهيئة الموجودة في الآن السابق، كما هو الأصل المتفق عليه في جميع موضوعات الأحكام الثابتة عن الزمن القديم.
فما في الحدائق من الاستشكال في تمامية الاستدلال بالأخبار: " بأن ذلك إنما يتم بعد معرفة الحيضان التي كانت في زمانهم على أي كيفية كانت؟ إذ الظاهر أن الأسئلة كانت عن ماء الحمام المعهود عندهم، سيما أن أصل الإضافة للعهد " (1) مما لا يلتفت إليه، لمنع كون المعهودية عندهم مخصصة لعموم الجواب بعد فرض تحقق التسمية مطلقا، والاختلاف في الكيفية لا يوجب الاختلاف في التسمية، فلا يوجب الاختلاف في الحكم، وإلا لتغيرت أكثر الأحكام الثابتة ثمة.