في الرياض (1) أيضا، بل لابتنائهما على المغالطة والاشتباه من جهات اخر.
أما الأول منهما: فلعدم كون الخصم بصدد إنكار ورود صيغة " فعول " لغة للمبالغة، حتى يدفع كلامه بما ذكر من قضية عدم الخلاف بين أهل النحو في وضع " الفعول " لغة للمبالغة وتكرر الصفة، بل غرضه إنكار كون " طهور " بالخصوص مندرجا في " الفعول " بهذا المعنى، فحينئذ يتجه أن يقال: كما أنه لا خلاف بين أهل النحو في وضع " فعول " للمبالغة وتكرر الصفة، فكذلك لا خلاف بينهم في وضعه لمجرد الوصف قائما مقام الفاعل فيما كان من فعل يفعل بضم العين، على قياس ما هو الحال في الصفات المشبهة، فأي شئ يستدعي لحوق " طهور " بالأول دون الثاني؟ بل قضية ما أشرنا إليه من الضابط كونه من الفعول بمعنى الفاعل، لا مما هو مبالغة في الفاعل.
ومع الغض عن ذلك، فالعدول عن جعله للمبالغة في المعنى اللازم إلى جعله لها في المعنى المتعدي مما لا داعي إليه، بعد ملاحظة أن " الطهارة " باعتبار معناها اللغوي - وهو النظافة والنزاهة - مما يقبل الزيادة والشدة والضعف، كما يشير إليه ما عن الزمخشري من " أن الطهور: البليغ في الطهارة " (2)، وتنبه عليه صاحب المدارك أيضا فأشار إليه في دفع ما حكاه عن الشيخ من الوجه الأول، وقال: " وابتنائه على ثبوت الحقيقة الشرعية للمطهر على وجه يتناول الأمرين، فهو أولى مما ذكره الشيخ في التهذيب " - إلى قوله -: " لتوجه المنع إلى ذلك، وعدم ثبوت الوضع بالاستدلال " (3).
فإن قوله: " لتوجه المنع إلى ذلك "، مراد منه المنع عن عدم صلاحية " طهور " بغير المعنى المتعدي للتكرر والتزايد.
ووجهه: أن النظافة في الماء باعتبار الصفاء والكدورة، أو خلوصه عن الأوساخ والأقذار وعدمه، أو عن الأرياح النتنة والألوان المكرهة وعدمه لها مراتب، لأن كلا من ذلك قد يضعف وقد يتضاعف، وقد يقل وقد يتكثر على وجه ينشأ منه صحة إطلاق " فعول " للمبالغة في ذلك عرفا كما نشاهده بطريق الحس والعيان، وبذلك ينقدح أيضا