غير متوقفة على الطهارة بهذا المعنى، كسقي الدواب والبساتين والمزارع والأشجار واتخاذ الطين للأبنية والمساكن، ولو سلم فذكر الوصف بعده لا يقتضي كونه لصفة زائدة، غاية الأمر كونه - على تقدير إرادة الصفة المفهومة أولا - للتوضيح، وهو ليس مما يمنع عنه في الكلام، وإن كان الأصل الناشئ عن الغلبة يقتضي خلافه، وهذا الأصل كما ترى مما لا ينبغي إجراؤه في المقام، بعد ملاحظة دوران الأمر فيه بين الأخذ به أو الأخذ بأصالة الحقيقة بالنسبة إلى مادة " طهور "، فإن العدول عن الحقيقة يستدعي قرينة معتبرة، والأصل المذكور غير صالح لها.
هذا إذا كان انفهام المطهرية مبنيا على التجوز، وإلا - فمع أنه في حيز المنع - فأصالة الحقيقة كافية في إفادة الحكم المذكور عما ذكر من الوجه الاعتباري.
وأما ما عرفته من الزيادة، ففيه: أنه كلام فاسد قد هدمنا بنيانه في مباحث المفاهيم من فن الاصول (1)، فلا يعبأ به، والعجب عن شيخنا في الجواهر (2) أنه استوجه هذا الوجه.
ومنها: ما حكاه أو احتمله في المدارك، من أن " الطهور " في العربية على وجهين:
صفة، كقولك: " ماء طهور " أي طاهر، واسم غير صفة، ومعناه: ما يتطهر به، كالوضوء والوقود بفتح الواو فيهما لما يتوضؤ به ويوقد به، وإرادة المعنى الثاني هناك أولى، لأن الآية مسوقة في معرض الإنعام، فحمل الوصف فيها على الفرد الأكمل أولى وأنسب (3).
وفيه: - مع رجوعه إلى إثبات الحكم الشرعي بالاستحسان ومجرد الاعتبار العقليين، لحصول المقصود من الامتنان بمجرد الطهارة المقتضي للحمل على المعنى الوصفي - أن الحمل على المعنى الاسمي لا يستقيم إلا مع ارتكاب ضرب من التجوز، كما تنبه عليه غير واحد من الأصحاب، وهو تجريد اللفظ عما يدل على الذات المأخوذة في مفهومه، إذ لولاه لما صح الوصف به، وهذا التجوز كما ترى مما لا شاهد له في الكلام،