فاعلا إذا حول إلى " فعيل " أو " فعل " عمل، متمسكا بذلك الشعر، بل " الموهن " - على ما يساعد عليه الذوق، ونص عليه غير سيبويه - نصب على الظرفية متعلق ب " شأها " بمعنى ساقها، أو سبقها راجعا ضميره إلى " للاتن " وهي حمير الوحش، وعلى فرض كونه معمولا ل " كليل " فهو نصب على الظرفية أيضا، وهو على التقديرين لازم مراد منه العجز والتعب، اللذين اعتبرا وصفين للبرق الذي هو السائق.
غاية الأمر، استلزام ذلك مجازا في الإسناد، من باب الإسناد إلى السبب؛ نظرا إلى أنهما في الحقيقة وصفان للاتن، و إنما أسندا إلى " البرق " - الذي اريد من الكليل - لكونه سببا لهما فيها، نظير إطلاق " القاتل " على سبب القتل، وهذا كما ترى باب وسيع العرض يجري في فنون كثيرة، ولا سيما المقام الذي لابد فيه من اعتباره بملاحظة الفقرات الاخر الواردة فيه من باب المجاز في الإسناد، التي منها: إسناد السوق إلى " البرق " الذي لا يلائم إلا كونه من باب التسبيب؛ لعدم كون السوق بالقياس إليه من الأفعال المباشرية، ضرورة ابتناء المباشرة على الشعور والإرادة، وظاهر أن " البرق " ليس من ذوات الشعور والإرادة.
ومنها: إسناد البيتوتة إلى الليل، فإنها في الحقيقة وصف " للاتن " والليل ظرف له، فإسنادها إليه من باب الإسناد إلى الظرف.
ومنها: إسناد عدم النوم إليه، بناء على كون قوله: " لم ينم " عطفا على قوله: " بات " بإسقاط العاطف للضرورة، والتقريب ما تقدم.
هذا مضافا إلى أنه لولا إطلاق " الكليل " هنا من باب المجاز في الإسناد - حسبما قررناه - لزم على تقدير كونه متعديا مجازان:
أحدهما: ما يلزم منه فيه باعتبار المادة، من حيث إنه بالوضع الأصلي اللغوي من المواد اللازمة.
وثانيهما: ما يلزم منه في تعديته إلى " الموهن "، فإن الإعياء بمعنى الإعجاز و الإتعاب مما يقع في الحقيقة على " الاتن "، و " الموهن " ظرف لهما، فيكون الإسناد إليه من باب قولهم: " أتعبت يومك، وساهرت ليلتك "، ولا ريب أن المجاز الواحد أولى من مجازين.
وأما ثانيا: فلأن " الكليل " إذا كان متعديا فهو مبالغة في الفاعل بمعنى الفعل، وقضية