ما حكاه في الرياض (1) والحدائق (2) من عدم جواز كون " طهور " على بابه من المبالغة في أمثاله؛ لأن المبالغة في " فعول " إنما هي بزيادة المعنى المصدري وشدته فيه، ك " أكول " و " ضروب "، وكون الماء مطهرا لغيره أمر خارج عن الطهارة - التي هي المعنى المصدري - فكيف يراد منه، بل هو حينئذ بمعنى الطاهر.
أو ما قرره الشيخ في التهذيب من: " أنه كيف يكون الطهور هو المطهر، واسم الفاعل منه غير متعد، وكل فعول ورد في كلام العرب متعديا لم يكن متعديا إلا وفاعله متعد، فإذا كان فاعله غير متعد ينبغي أن يحكم بأن فعوله غير متعد أيضا، ألا ترى أن قولهم: " ضروب " إنما كان متعديا لأن الضارب منه متعد، وإذا كان اسم الطاهر غير متعد يجب أن يكون الطهور أيضا غير متعد " (3).
ولا يذهب عليك: أن هذا لا يرجع إلى الوجه الأول، لأن مبناه على منع دعوى المبالغة في تلك اللفظة بخصوصها رأسا، بتوهم أنها مبنى الاستدلال على كون الماء مطهرا، ومحصله يرجع إلى أن المبالغة إنما هي للدلالة على الزيادة في أصل المعنى المصدري، وهذه الزيادة في خصوص تلك اللفظة إما أن تعتبر بالقياس إلى معنى الطهارة، أو بالقياس إلى معنى التطهير، ولا سبيل إلى شئ منهما.
وأما الأول: فلأن الطهارة في الماء لا تكون إلا على نمط واحد، فلا تقبل الزيادة والتكرار.
وأما الثاني: فلخروج معنى التطهير عما هو معنى مصدري لطهور، فلا يعقل منه الدلالة على المبالغة بالقياس إليه، بخلاف الوجه الثاني الذي مرجعه إلى منع كون المبالغة في تلك اللفظة بالقياس إلى المعنى المتعدي، وهو كما ترى لا ينافي كونها للمبالغة بالقياس إلى المعنى اللازم.
وملخصه: أن المبالغة بالقياس إلى ما عدا المعنى اللازم مبنية على كون " طهور " متعديا وهو باطل؛ لمكان التلازم فيما بين الفاعل و الفعول لغة في وصفي التعدية واللزوم، و " الطهور " إذا كان فاعله وهو " الطاهر " لازما - كما هو المسلم المتفق عليه - فكيف يمكن التفكيك بينهما بجعل " فعوله " متعديا، وهو كما ترى مما لا تعرض فيه