من الأدلة القاطعة، مضافا إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما سئل عن الوضوء بماء البحر: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " (١).
والدليل على الكلية المدعاة واضح، بعد ملاحظة الإجماع الضروري من العلماء كافة، ونقله على حد الاستفاضة المدعى كونها قريبة من التواتر الذي منه ما عن المعتبر (٢) والمنتهى (٣) وشرح الدروس للمحقق الخوانساري (٤)، ونقل كونه من ضروريات الدين عن المفاتيح (٥)، ولعله كذلك، بل مما لا يمكن الاسترابة فيه، والأخبار المتواترة معنا بل البالغة فوق التواتر بألف مرة الواردة في تطهير النجاسات وتعليم الطهارات، الآمرة بها وبتفاصيلها المتكفلة لبيان أجزائها وشروطها وموانعها وسائر ما اعتبر فيها.
وقد شاع عندهم الاستدلال من الكتاب العزيز بقوله عز من قائل: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) (٦) وقوله الآخر: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾ (7) ولا كلام لأحد في دلالة الأول على المطهرية مطابقة والطهارة التزاما عرفيا بل عقليا؛ لا لأن فاقد الشئ لا يعقل معطيا له، فإن حكم التطهير مبني على التسبيب الشرعي [ولا يحكم العقل] (8) بامتناع أن يجعل الشارع شيئا غير طاهر سببا لتطهير الغير، كما في الأرض التي تطهر باطن النعل على القول بعدم اشتراط الطهارة فيها، ومثله ثلاثة أحجار الاستنجاء إن لم نقل باشتراط الطهارة فيها تعبدا، بل لأن الماء إذا كان نجسا فيسري نجاسته إلى المحل فلا يزيد فيه إلا نجاسة في نجاسة، ومعه لا يمكن التطهر.
نعم، ربما نوقش فيه بل وفي الثاني أولا: بمنع العموم في لفظة " الماء "؛ لكونها نكرة في الإثبات.
وثانيا: بعدم تناوله لمياه الأرض، فيكون الدليل أخص من المدعى.