الكلامية المشتملة عليهما وعلى ما يسند إليهما من الفعلين، ولا سبيل إلى شئ من ذلك.
أما الأول: فلأن " الماء " من أسماء الأجناس الواقعة على القليل والكثير، المشتركة فيها بين الأكثر والأقل، والكل و الأبعاض، كالتمر والحنطة ونحوها مما يختلف أفرادها وتتمايز بالقلة والكثرة، فالكر من الماء ماء، وصاع منه - بل مد وغرفة منه على فرض الانفصال - ماء، ولو وزع أرطالا مثلا وجعل كل رطل في مكان، فإن لم يوصل بين كل وصاحبه بساقية كان كل واحد ماء والمجموع مياه، وإلا كان المجموع ماء، ولو صب الماء من آنية على رأس منارة حتى يصل منتهاه إلى وجه الأرض كان المجموع مما فيهما وما في أثناء النزول ماء ما دام الاتصال باقيا، بخلاف ما لو انقطع الاتصال فكان ما في الآنية ماء، وما في المنارة آخر، وما على وجه الأرض ثالثا.
وقضية ذلك: سراية الحكم لو علق على الطبيعة من حيث هي إلى جميع تلك المصاديق من غير أن يخرج شئ منها.
وتوهم: كون ما فرض في مسألة المنارة من نادر تلك المصاديق، والإطلاق إنما ينصرف إلى شائعها - كما هو مقرر في المسائل الاصولية - يدفعه: منع الاعتبار بندرة الوجود، وغيرها غير موجود.
وأما الثاني: فلأن " الكر " من الألفاظ الموضوعة لمقدار معين، ولو بحسب الشرع أو على سبيل المجاز، فلا يقع على الأبعاض كالمن ونحوه، بل يقع على المجموع من حيث هو، فلهيئته الاجتماعية دخل في الصدق، نعم يكفي في الصدق عليها اتصال ما بينها إذا كانت متفرقة في محال متعددة، فالمقدار الوارد في الروايات كر بأي شكل فرض، حتى ما يفرض منه في المنارة على الوجه المتقدم، فيكون مفاد الروايات بعد الجمع بين مدلوله ومدلول الماء نظير ما لو قيل: ما يقع عليه اسم الماء فهو مما لا ينجسه النجاسة بمجرد وقوعها فيه إذا كان مما يقع عليه اسم الكر. ولا ريب أن ذلك معنى عام لا يشذ منه شئ من أفراد الماء، ولا شئ من مصاديق الكر، ومعه كيف يناقش في دلالة ذلك على عموم الحكم، ولم يسبقه ما يصلح قرينة على العهد الصارف للعام إلى الخصوص، ومن أين يجيء اعتبار الاجتماع أو مساواة السطوح أو نحو ذلك،