أصحابنا، وإنما حدث تدوينها ولو بنحو الإشارة من المتأخرين عن زمن العلامة (رحمه الله) إلى هذه الأزمنة، كما أنه يظهر أيضا عدم الفرق عندالمتأخرين - بناء على عدم اعتبار المساواة - بين اختلاف الانحدار والتسنيم، بل عدم الفرق بين ما لو كان الاختلاف فاحشا وغيره.
نعم، حصل الاختلاف بينهم في مقامين، أحدهما: أصل اشتراط المساواة وعدمه، وثانيهما: الفرق - بناء على عدم الاشتراط - بين الأعلى والأسفل في تقوم كل بالآخر وعدمه.
أما المقام الأول: فمحصل خلافهم فيه يرجع إلى أقوال ثلاث:
أحدها: القول بعدم الاشتراط، وقد صرح به الشهيد الثاني في كلام محكي له عن الروض، قائلا: " وتحرير المقام أن النصوص الدالة على اعتبار الكثرة مثل قوله (عليه السلام): " إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (1) وكلام أكثر الأصحاب ليس فيه تقييد الكر المجتمع بكون سطوحه مستوية، بل هو أعم منه ومن المختلف كيف اتفق "، ثم قال: - بعد كلام مطوي له - " والذي يظهر لي في المسألة ودل عليه إطلاق النص، أن الماء متى كان قدر كر متصلا ثم عرضت له النجاسة لم تؤثر فيه إلا مع التغير، سواء كان متساوي السطوح أو مختلفها " (2) الخ.
وتبعه في ذلك سبطه السيد في المدارك، قائلا - بعد ما أسند إلى اطلاق كلامي المحقق والعلامة في المعتبر (3) والمنتهى (4) أنه يقتضي عدم الفرق بين مساواة السطوح واختلافها، فيكون كل من الأعلى والأسفل متقويا بالآخر -: " بأنه ينبغي القطع بذلك إذا كان جريان الماء في أرض منحدرة، لاندراجه تحت عموم قوله (عليه السلام): " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (5) فإنه شامل لتساوي السطوح ومختلفها، وإنما يحصل التردد فيما إذا كان الأعلى متسنما على الأسفل بميزاب ونحوه، لعدم صدق الوحدة عرفا ولا يبعد التقوي في ذلك أيضا كما اختاره جدي (قدس سره) في فوائد القواعد عملا بالعموم " (6) انتهى.
فظهر منه أنه جزم بالحكم في الشق الأول ورجحه في الثاني بعد ما صار مترددا،