ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام - السيد علي الموسوي القزويني - ج ١ - الصفحة ١٣٠
المضروب إلى ما نقص منها عن هذا الحد، فيلزم أن لا يكون بما عدا المربع من الأشكال المختلفة من المثلثات والدوائر والمستطيلات والهلاليات ونحوها عبرة في ترتيب أحكام الكر، وهو في غاية البعد، بل يشبه بكونه خلاف الإجماع بل خلاف الضرورة، مع أن الاختلاف على وجه الانحدار الذي يتحقق مع جريان اليسير - خصوصا إذا لم يكن فاحشا - لا ينافي شيئا من تلك التحديدات.
سلمنا ولكن جميع ما ذكر في تلك الوجوه يعارضه ظاهر روايات اخر واردة في هذا الباب، كرواية محمد بن مسلم المتضمنة للسؤال عن الماء الذي تبول فيه الدواب (1)، وصحيحة علي بن جعفر المشتملة على السؤال عن الدجاجة والحمامة وأشباهها تطأ العذرة ثم تدخل الماء (2)، وصحيحة إسماعيل بن جابر المتضمنة للسؤال عن الماء الذي لا ينجسه شئ (3)، فإن السؤال في كل ذلك ورد على وجه عام وطابقه الجواب، مع اقترانه بترك الاستفصال من دون إشعار فيهما بشئ من الأحوال والخصوصيات، فلولا الحكم عاما لجميع الصور لكان ترك التنبيه على ما له مدخلية - لو كان في مقام التعليم والبيان - منافيا للحكمة، وهو كما ترى.
فلو سلم عدم كون هذه بنفسها أظهر من الطرف المقابل كان غايته التساقط، فتبقى الأخبار المطلقة الغير المسبوقة بالأسئلة كالنبوي المتقدم (4)، وصحيحة معاوية بن عمار (5) المشتملين ابتداء على قولهم (عليهم السلام): " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " سليمة عن المعارض.
وينبغي التعرض لوجه دلالة هذه على المطلوب ليتضح المقام كمال الوضوح. فنقول:
شبهة الخصم إما أن تنشأ عن توهم قصور لفظة " الماء " عن الدلالة على ما يعم نظائر المقام، أو تنشأ عن توهم ذلك في لفظة " الكر "، أو عن توهم ذلك في الهيئة التركيبية

(١) الوسائل ١: ١٥٩، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٥ - التهذيب ١: ٤١٤ / ١٣٠٨.
(٢) الوسائل ١: ١٥٩، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٤ - التهذيب ١: ٤١٩ / ١٣٢٦ - مسائل علي بن جعفر: ١٩٣ / ٤٠٣.
(٣) الوسائل ١: ١٦٤، ب ١٠ من أبواب الماء المطلق ح ١ - التهذيب ١: ٤١ / ١٤.
(٤) الفائق ١: ١٦٤؛ غريب الحديث - للهروي - ١: ٣٣٨.
(٥) الوسائل ١: ١٥٨، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٢ - التهذيب ١: ٤٠ / 109 بسند آخر.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست