الماء يؤخذ فيه كثيرا من الحوض الصغير، فلو اكتفى بكرية المجموع مما فيه وفي المادة والساقية لطرأه القلة بواسطة الأخذ منه فينفعل إذا لاقاه النجاسة، فلابد فيه من عاصم يحفظه عن طرو القلة عليه صونا له عن الانفعال، ولا يكون ذلك إلا مع اعتبار الكرية في المادة، فاعتبارها حينئذ ليس لأجل اعتبار مساواة السطح في الكر كما هو محل النزاع، بل لأجل أنه مانع عن زوال الكرية المعتبرة في المجموع.
الثالث: ما يرجع مفاده إلى أن ذلك لعله من جهة أن العلامة قائل بمانعية الاختلاف على نحو التسنيم، نظرا إلى أن الغالب في الحمامات انحدار مائها بالميزاب ونحوه، لا من جهة أنه مانع عن الاختلاف مطلقا وكلامنا فيه لا في الأول الخ (1).
وهذه الأجوبة في حد نفسها وإن كانت جيدة، حاسمة لدعوى مصير العلامة إلى تلك المقالة لمجرد ما اعتبره في المادة من الكرية، غير أنها في مقابلة ما تقدم من العبارة واردة في غير محلها، من حيث إن هذا الرجل ليس جازما في إسناد تلك المقالة إلى العلامة، ولا أنه مدع لدلالة كلام العلامة على ذلك دلالة معتبرة في نظائره، بل غاية ما ادعاه الإشعار وهو دون الدلالة، وكأنه أعرض عن دعوى الدلالة بملاحظة قيام ما ذكر من الاحتمالات، فارتفع النزاع عن البين جدا.
وثالثها: ما أبرزه في الحدائق من التوقف والعجز عن ترجيح أحد القولين الأولين، قائلا: " بأن الحكم في المسألة لا يخلو عن إشكال، ينشأ من أن المستفاد من أخبار الكر تقارب أجزاء الماء بعضها من بعض، كقوله (عليه السلام) - في صحيحة إسماعيل بن جابر حين سأله عن الماء الذي لا ينجسه شئ - فقال: ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته " (2)، ونحوها من الأخبار الدالة على التقدير بالمساحة، وصحيحة صفوان المتضمنة للسؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة، حيث سئل (عليه السلام) وكم قدر الماء؟ قال: قلت إلى نصف الساق وإلى الركبة وأقل، قال: " توضأ " (3) - إلى قوله - بعد ما ذكر جملة من المؤيدات،