الشرطية التي لا يقتضي اللزوم إلا في جانب العدم.
ودعوى: أن نفس قوله: " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " (1) دال على عدم شرطية القلة، من جهة أنه يقضي بأن الخارج عن عمومات الطهارة إنما هو القلة، وهي أمر عدمي لا يصلح لأن يكون شرطا، فإذا انتفى احتمال كونها شرطا تعين كون الكرية مانعة.
يدفعها: منع عدم كون الأمر العدمي صالحا للشرطية، كما يشهد به قولهم: " بأن عدم المانع شرط "، كيف وأن ثبوت كون الامور العدمية معتبرة بعنوان الشرطية في الشريعة في الكثرة ما لا يكاد ينكر، ألا ترى أنهم يقولون - عند تعداد شرائط النية المعتبرة في العبادة -: أن استمرار النية شرط فيها، ويفسرونه بعدم قصد المنافي وعدم التردد في أثناء العمل، والقول بأن الأمر العدمي لا يصلح للتأثير في الوجود مخصوص بما كان عدميا صرفا غير متشبث بالوجود، والقلة ليست منه لأنها عبارة عن عدم الكثرة فيما من شأنه الكثرة، فيكون متشبثا بالوجود لاقترانه بشأنية الوجود، مع أن الشروط الشرعية كثيرا ما تكون من باب المعرفات دون المؤثرات، فلعل المقام منها.
وبالجملة: رفع اليد عن ظهور مثل " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ الخ " (2) " والماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر " (3) وما أشبه ذلك المقتضي لكون الماء بما هو هو مأخوذا عنوانا لحكم الطهارة، وأن ما خالفه من أفراده في ذلك الحكم فإنما هو مخرج عنه بالتخصيص، ومن المقرر أن كل ما يشك في خروجه له بالتخصيص مع إحراز دخوله في أصل العنوان - كما هو مفروض الكلام - يحكم عليه بعدم الخروج لأصالة عدم التخصيص.
فما يقال: من أن تلك العمومات ليست من قبيل ما كان عنوان العام مقتضيا للحكم وعنوان المخصص مانعا، فليس بسديد جدا.
ولا ينافيه " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " إذا كان المراد منه بيان أقل مراتب ما هو ملزوم لانتفاء عنوان المخصص، فاعتبار الكر ليس من باب أنه بالخصوص عنوان ينشأ منه الحكم، بحيث لو شك فيه في موضع كان ذلك شكا في