كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة، ولم اطلب بها بدلا وشكرت الله عليها وحمدته. فقال لها داود عليه السلام: فبهذا بلغت ما بلغت.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: هذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين.
أقول: هذه المرتبة هي الدرجة العليا من مراتب السالكين وهي الرضا بقضاء الله تعالى.
وكان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يمتدح بالوصول إليها والإحاطة بها، وكان يقول إن الله سبحانه لو القاني بالنار معذبا لما قلت إنها نار بل قلت إنها جنة، لأنه تعالى رضى لي بها وجنتي رضاه، وهو ناظر إلى قوله عز وجل بعد أن ذكر الجنة وما أعد فيها للمتقين ورضوان من الله أكبر فسخطه نارهم ورضاه جنانهم.
وعلى هذا نزل بعض المحققين: المحيا والممات في قوله: ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، على معنى ان حياتي ومماتي أريدهما مدة إرادة الله سبحانه لهما، فما دام يريد حياتي فأنا أريدها ولا أريد الموت، وإذا قرب أجلي وأراد موتي كنت أريده أيضا ولا أريد الحياة.
وروي هذا عن مولانا الامام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام وكذلك ينزل عليه ما ورد في الدعاء عند رؤية الجنازة وهو قوله: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم، يعني من الهالكين والأموات.
والمراد حمد الله سبحانه على الحياة فإنها امر مطلوب الداعي، حيث إن الله سبحانه اختارها له، فلا يرغب إلا فيما أعطاه الله سبحانه أو من حيث إن فيها الوصول إلى رضاه، من حيث الطاعات وما يقع منه قبل الموت من العبادات.
وكثيرا ما ينزل على هذه الدرجة العلمية من الآيات والأخبار وما تخطى إليها أحد غير الأولياء إلا كان كاذبا في دعواه وشواهد الامتحان تكون ناعية عليه كذب ما زعمه.