وثالثها - انه كان في شريعته ان الرجل إذا مات وخلف امرأة، فأولياؤه أحق بها إلا أن يرغبوا عن التزويج بها، فحينئذ يجوز لغيرهم ان يتزوج بها.
فلما قتل أوريا، خطب داود امرأته ومنعت هيبة داود وجلالته أولياؤه ان يخطبوها، فعوتب على ذلك.
ورابعها - ان داود عليه السلام كان متشاغلا بالعبادة، فأتاه رجل وامرأة متحاكمين إليه، فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها، وذلك مباح. فمالت نفسه ميل الطباع، ففصل بينهما، وعاد إلى عبادة ربه، فشغله الفكر في أمرها عن بعض نوافله فعوتب.
وخامسها - انه عوتب على عجلته في الحكم التثبت، وكان يجب عليه حين سمع الدعوى من أحد الخصمين ان يسأل الآخر عما عنده فيه ولا يحكم عليه قبل ذلك، وإنما أنساه التثبت في الحكم فزعه من دخولهما عليه في وقت العبادة. انتهى.
وقال الرازي: بعد الطعن في الرواية المشهورة وإقامة الدلائل على بطلانها، وذكر بعض الوجوه السابقة والكلام عليها.
(روي) ان جماعة من الأعداء طمعوا في أن يقتلوا نبي الله داود عليه السلام وكان له يوم يخلو بنفسه ويشتغل بطاعة ربه، فانتهزوا الفرصة في ذلك اليوم وتسوروا المحراب.
فلما دخلوا عليه وجدوا عنده أقواما يمنعونه، فخافوا فوضعوا كذبا، فقالوا خصمان بغى بعضنا على... إلى آخر القصة.
وليس في لفظ القرآن ما يمكن ان يحتج في لحاق الذنب بداود عليه السلام إلا ألفاظ أربعة:
أحدها - قوله: (وظن داود انما فتناه). وثانيها - قوله: (فاستغفر ربه).
وثالثها - قوله: (أناب). ورابعها - قوله: (فغفرنا له ذلك).
ثم نقول: وهذه الألفاظ لا يدل شئ منها على ما ذكروه، وتقريره من وجوه: الأول - انهم لما دخلوا عليه لطلب قتله بهذا الطريق وعلم داود عليه السلام