فلما دخل عليه موسى ورآه على تلك الحالة، هاله ذلك.
فأوحى الله تعالى إليه: لا يهولنك ما رأيت فإنه لم يلبث إلا قليلا حتى يعود إلى الحالة الأولى.
وفي بعض الروايات ان موسى وهارون لما انصرفا من عند فرعون أصابهما المطر في الطريق، فأتيا على عجوز من أقرباء أمهما، ووجه فرعون الطلب في اثرهما، فلما دخل عليهما الليل ناما في دارها، وجاء الطلب إلى الباب والعجوز منتبهة، فلما أحست بهم خافت عليهما، فخرجت العصا من ثقب الباب والعجوز تنظر، فقاتلتهم حتى قتلت منهم سبعة أنفس ثم عادت ودخلت الدار.
فلما انتبه موسى وهارون أخبرتهما بقصة الطلب ونكاية العصا فيهم، فآمنت بهما وصدقتهما.
قال الثعلبي: قالت العلماء بأخبار الأنبياء، ان موسى وهارون عليهم السلام وضع فرعون أمرهما على السحر فأراد قتلهما فقال العبد الصالح حزقيل مؤمن آل فرعون:
أتقتلون رجلا يقول: ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم فقال الملأ من قوم فرعون (إرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم).
وكانت لفرعون مدائن فيها السحرة معدة لفرعون، إذا أحزنه امر.
وقال ابن عباس: قال فرعون لما رأى سلطان الله في اليد والعصا: إنا لا نغالب موسى إلا بمن هو مثله، فأخذ غلمانا من بني إسرائيل فبعث بهم إلى قرية يقال لها العرما يعلمونهم السحر كما يعلمون الصبيان في المكتب، فعلموهم سحرا كثيرا وواعد فرعون موسى موعدا، فبعث فرعون إلى السحرة فجاء بهم ومعهم معلمهم، فقالوا له ماذا صنعت قال علمتهم سحرا لا يطيقه سحر أهل الأرض إلا ان يكون امر من السماء فإنه لا طاقة لهم به.
ثم بعث فرعون فجمع السحرة كلهم وكانوا اثنين وسبعين ألفا.
وقال كعب: كانوا اثنى عشر ألفا.
وقيل: بضعا وثلاثين ألفا.