لا يعلم بهما ولا يجتري أحد ان يعلمه بشأنهما، حتى دخل عليه بطال له يلعب عنده ويضحكه فقال له أيها الملك ان على بابك رجلا يقول قولا عجيبا زعم أن له إلها غيرك فقال أدخلوه فدخل موسى وهارون، فلما وقفا عنده دعا موسى بدعاء فتحول خوفه أمنا. وكذا كل من يدعو بذلك الدعاء.
ثم قال فرعون لموسى من أنت؟ قال: انا رسول رب العالمين، فتأمله فرعون فعرفه، فقال: (ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين) إلى آخر الآيات والمنازعات.
(فألقى عصاه فإذا هي ثعبان) وتوجهت نحو فرعون لتأخذه، فوثب عن سريره واحدث، حتى قامت به بطنه في يومه ذلك أربعين مرة.
وكان فيما يزعمون لا يسعل ولا يصدع ولا تصيبه آفة مما تصيب الناس وكان يقوم في أربعين يوما مره وكان أكثر ما يأكل المرز لكيلا يكون له ثفل فيحتاج إلى القيام وكانت هذه الأشياء مما زين له ان قال ما قال، لأنه ليس له من الناس شبيه، فلما قصدته الحية نادى يا موسى اكففها عني بحرمة الرضاع واني أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذها موسى فعادت عصا، ثم نزع يده من جيبه فإذا هي بيضاء مثل الثلج لها شعاع كشعاع الشمس، فقال له فرعون هذه يدك فأدخلها موسى جيبه وأخرجها الثانية ولها نور ساطع في السماء تكل منه الأبصار، فلم يستطع فرعون النظر إليها، ثم ردها موسى وأخرجها على لونها الأول، فهم فرعون بتصديقه، وقال له هامان: بينما أنت إله تعبد إذ أنت تابع لعبد فقال فرعون لموسى: أمهلني إلى غد.
وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: ان قل لفرعون: انك إن آمنت بالله وحده عمرتك في ملكك ورددت شابا طريا فاستنظره فرعون.
فلما كان من الغد دخل عليه هامان فأخبره فرعون بما وعد موسى فقال له هامان والله ما يعدل هذا عبادة هؤلاء لك يوما واحدا فنفخ في منخره ثم قال له هامان: انا أردك شابا فأتاه بالوسمة فخضبه بها.