من البختي وله ذنب يقوم عليه فيشرف فوق حيطان المدينة رأسه لا يضرب ذنبه على شئ الا حطمه ويكسر بقوائمه الصخور ويضرم حيطان البيوت نارا ومنخراه تنفخان سموما وعلى مفرقه شعر كأمثال الرماح، فاستعرضت ما ألقى السحرة من حبالهم وعصيهم وهي حيات في عين فرعون وأعين الناس فابتلعتها واحدا واحدا حتى ما يرى بالوادي قليلا ولا كثيرا، فانهزم الناس وتزاحموا ووطئ بعضهم بعضا حتى مات يومئذ خمسة وعشرون ألفا وانهزم فرعون مرعوبا، وقد استطلق بطنه في يومه ذلك من أربع مائة جلسة، ثم بعد ذلك إلى أربعين مرة في اليوم والليلة على الدوام إلى أن هلك.
فلما عاين السحرة ما عاينوا قالوا لو كان سحرا لما خفي علينا امره، ولو كان سحرا فأين حبالنا وعصينا (فخروا سجدا وقالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون).
وكان فيهم أربعة شيوخ: سابور، عارور حطحط، مصفا، فلما آمن السحرة قال فرعون متجلدا (آمنتم به قبل ان آذن لكم انه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف * فقالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات فاقض ما أنت قاض).
فقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، وهو أول من فعل ذلك فأصبحوا سحرة كفرة وأمسوا شهداء بررة.
ورجع فرعون مغلوبا، وأبى إلا الإقامة على الكفر، فتابع الله عليه بالآيات واخذه وقومه إلى أن أهلكهم.
ورجع موسى عليه السلام والعصا تتبعه وتبصبص حوله وتلوذ به كما يلوذ الكلب الألوف بصاحبه، والناس ينظرون إليها حتى دخل موسى عسكر بني إسرائيل واخذ برأسها فإذا هي عصا كما كانت.
واعتزل موسى عليه السلام في مدينته ولحق بقومه وعسكروا مجتمعين إلى أن صاروا ظاهرين.
قال الثعلبي: فلما خاف فرعون على قومه ان يؤمنوا بموسى عليه السلام عزم