على بناء صرح يقوي به سلطانه، فقال يا هامان (ابن لي صرحا...) الآية.
فجمع العمال والفعلة حتى اجتمع له خمسون الف بناء سوى الاتباع والأجراء ممن يطبخ الآجر والجص وينجر الخشب والأبواب ويضرب المسامير، فلم يزل يبني ذلك الصرح إلى أن فرغ منه في سبعة سنين وارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد من الخلق منذ خلق الله السماوات والأرض.
فبعث الله عز وجل جبرئيل عليه السلام فضرب بجناحه الصرح فقطعه ثلاث قطع، وقعت قطعة منها في البحر، وأخرى في الهند، وأخرى في المغرب.
وقال الضحاك: بعثه الله وقت الغروب فقذف به على عسكر فرعون فقتل منهم الف الف رجل ولم يبق أحد عمل فيه شيئا إلا أصابه موت أو حريق أو عاهة.
ثم إن فرعون بعد ذلك عزم على قتال موسى (ع) فلما لم يؤمن أوحى الله تعالى إلى موسى: ان أجمع بني إسرائيل كل أربعة أهل أبيات في بيت، ثم اذبحوا أولاد الضأن واضربوا بدمائها على الأبواب، فاني مرسل على أعدائكم عذابا، واني سامر الملائكة فلا يدخل بيتا على بابه دم وسامرها تقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم فستسلمون أنتم ويهلكون هم، ثم اخبزوا خبزا فطيرا فإنه أسرع لكم، (ثم أسر بعبادي) حتى تنتهي بهم البحر فيأتيك أمري.
ففعل ذلك بنو إسرائيل، فقال النبط لبني إسرائيل: لم تعالجون هذا الدم على أبوابكم؟ فقالوا: ان الله مرسل عذابا، فنسلم وتهلكون، فقالت النبط: فما يعرفكم ربكم إلا بهذه العلامات؟ فقالوا: هكذا أمرنا نبينا.
فأصبحوا وقد طعن أبكار آل فرعون وماتوا كلهم في ليلة واحدة، وكانوا سبعين ألفا، فاشتغلوا بدفنهم وبالحزن عليهم.
وسرى موسى عليه السلام بقومه متوجهين إلى البحر، وهم ستمائة الف وعشرون ألفا لا يعد فيهم ابن سبعين سنة لكثرتهم لكبره ولا ابن عشرين لصغره وهم المقاتلة دون الذرية، وكان موسى عليه السلام على الساقة وهارون على المقدمة.
فلما فرغت القبط من دفن أبكارهم وبلغهم خروج بني إسرائيل، قال فرعون: