الأسود وكانت الأسود إذا وردت النيل ظلت عليها يومها كلها، ثم تصدر مع الليل، فالتقى موسى وهارون يوم ورودها، فلما أبصرتهما الأسد مدت أعناقها ورؤوسها إليهما وشخصت أبصارها نحوهما، وقذف الله تعالى في قلوبها الرعب فانطلقت منهزمة نحو الغيضة، وكان لها ساسة يسوسونها ويحرسونها من الناس.
فلما أصابها ما أصابها خاف ساستها فرعون ولم يشعروا من أين أتوا، فانطلق موسى وهارون في تلك المسبعة حتى وصلا إلى باب المدينة الأعظم الذي هو أقرب أبوابها إلى منزل فرعون وكان منه يدخل ويخرج، فأقاما إليه سبعة أيام.
فكلمهما واحد من الحراس وزيرهما وقال لهما هل تدريان لمن هذا الباب؟ فقال موسى: ان هذا الباب وما فيها لرب العالمين وأهلها عبيد له، فسمع ذلك الرجل قولا لم يظن أن أحدا من الناس يفصح بمثله، فأسرع إلى كبرائه الذين هم فوقه فقال لهم: سمعت اليوم قولا من رجلين هو أعظم عندي مما أصابنا في الأسد وما كانا ليقدما على ما قدما عليه إلا بسحر عظيم وأخبرهم القصة فتداولوه حتى انتهوا إلى فرعون.
وقال السدي باسناده: سار موسى عليه السلام بأهله نحو مصر حتى أتاها ليلا فتضيف أمه وهي لا تعرفه، وانما أتاهم في ليلة كانوا يأكلون فيها الطفيشل - نوع من المرق، ونزل في جانب الدار، فجاء هارون، فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه فأخبرته انه ضيف فدعاه فأكل معه، فلما ان قعد تحدثا، فقال له هارون: من أنت؟ فقال: أنا موسى، فتعانقا، فقال له موسى: يا هارون انطلق معي إلى فرعون فان الله عز وجل قد أرسلنا إليه. فقال هارون: سمعا وطاعة، فقامت أمهما فصاحت: وقالت أنشدكما الله ان تذهبا إلى فرعون فيقتلكما.
فانطلقا إليه فأتيا الباب والتمسا الدخول عليه ليلا فقرعا الباب ففزع فرعون وفزع البواب، وقال فرعون من هذا الذي يضرب ببابي في هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما، فقال له موسى: أنا رسول رب العالمين.
وقال محمد بن إسحاق: خرج موسى حين قدم مصرا على فرعون هو وأخوه حتى وقفا على باب فرعون يلتمسان الاذن فمكثا سنتين يغدوان إلى بابه ويروحان