الله ان أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون آمنت وعلمت ان ذلك كان رضا لله تعالى.
وقوله: (فاليوم ننجيك ببدنك) فان موسى عليه السلام أخبر بني إسرائيل ان الله قد غرق فرعون، فلم يصدقوه، فأمر الله البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا.
(علل الشرايع وعيون الأخبار) باسناده إلى إبراهيم الهمداني قال: قلت للرضا عليه السلام لأي علة أغرق الله فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال:
لأنه آمن عند رؤية الياس، والايمان عند رؤية اليأس غير مقبول، وذلك حكم الله في السلف والخلف.
قال الله عز وجل: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا) وهكذا فرعون لما أدركه الغرق قال (آمنت انه لا إله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا من المسلمين) فقيل له: (الآن وقد عصيت من قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية).
وقد كان فرعون من قدمه إلى قرنه في الحديد. فلما غرق ألقاه الله تعالى على نجوة من الأرض ببدنه ليكون لمن بعده علامة، فيرونه مع ثقله بالحديد مرتفع وسبيل الثقيل ان يرسب ولا يرتفع، فكان ذلك آية وعلامة.
ولعلة أخرى: أغرقه الله عز وجل وهي انه استغاث بموسى لما أدركه الغرق، ولم يستغث بالله، فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى لم تغث فرعون، لأنك لم تخلقه ولو استغاث بي لأغثته.
أقول: هذان الوجهان ذكرهما العلماء في أول الوجوه وذكروا وجوها اخر:
منها - انه لم يكن مخلصا في هذه الكلمة، بل إنما تكلم بها توسلا إلى دفع البلية الحاضرة.
ومنها - ان ذلك الاقرار كان منبئا عن محض التقليد.
ألا ترى انه قال (لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل).