حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدثون واقبل فرعون بجنوده فلما انتهى إلى البحر قال لأصحابه ألا تعلمون ان ربكم الاعلى قد فرج لكم البحر. فلم يجسر أحد ان يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء، فتقدم فرعون فقال له منجمه لا تدخل البحر وعارضه، فلم يقبل منه واقبل إلى فرس حصان فامتنع الفرس ان يدخل الماء، فعطف عليه جبرئيل عليه السلام وهو على ماديانه فتقدمته ودخل فنظر إلى الرملة فطلبها ودخل البحر واقتحم أصحابه خلفه، فلما دخلوا كلهم حتى كان آخر من دخل من أصحابه وآخر من خرج من أصحاب موسى، امر الرياح فضربت البحر بعضه ببعض، فأقبل الماء يقع عليه مثل الجبال فقال فرعون عند ذلك (آمنت انه لا إله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين).
فأخذ جبرئيل كفا من حماة فوضعها في فيه ثم قال: (الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك).
وذلك أن قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر وهووا من البحر إلى النار.
واما فرعون فنبذه الله وحده وألقاه بالساحل، لينظروا إليه وليعرفوه وليكون لمن خلفه آية ولئلا يشك أحد في هلاكه وانهم كانوا اتخذوه ربا، فأراهم الله إياه جيفة ملقاة بالساحل، ليكون لمن خلفه عبرة.
وقال الصادق عليه السلام: ما اتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله الا كئيبا حزينا ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون، فلما امره الله بنزول هذه الآية (الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) نزل عليه وهو ضاحك مستبشر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما اتيتني إلا والحزن في وجهك حتى الساعة قال: نعم، يا محمد لما غرق الله فرعون قال (آمنت انه لا إله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) فأخذت حماة فوضعتها في فيه، ثم قلت له (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) وعملت ذلك من غير امر الله، خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني على ما فعلت، فلما كان الان وأمرني ربي