نور ما بين عينيه، وقد جعل الله تعالى رزقه في ابهامه يمصه لبنا، فألقى الله حبه في قلبها، وأحبه فرعون، فلما أخرجوه عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه فلطخت به برصها فبرأت، فضمته إلى صدرها وقبلته، فقال الغواة من قوم فرعون أيها الملك إنا نظن أن هذا المولود هو ذلك الذي تحذر منه، فهم فرعون بقتله فاستوهبته آسية فوهبه لها.
وقال أهل السير لما بلغ موسى أشده وكبر، كان يركب مراكب فرعون وكان يدعى موسى بن فرعون، فركب فرعون ذات يوم وركب موسى في اثره فأدركه المقيل بأرض يقال لها: منف فدخلها نصف النهار وقد غلقت أسواقها وليس في طرقها أحد، وذلك قوله تعالى (على حين غفلة من أهلها) فبينا هو يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلان يقتتلان، أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون والذي من شيعته يقال انه السامري والذي من عدوه كان خبازا لفرعون واسمه قاثون وكان اشترى حطبا للمطبخ، فتنجز السامري ليحمله فامتنع، فلما مر بهما موسى (ع) استغاث به فقال موسى للقبطي: دعه، فقال الخباز: إنما آخذه لعمل أبيك فأبى ان يخلي سبيله فغضب موسى فبطش به، وخلص السامري من يده، فنازعه القبطي فوكزه موسى، فقتله وهو لا يريد قتله، فأصبح في المدينة خائفا يترقب الاخبار.
فقيل له ان بني إسرائيل قد قتلوا رجلا من آل فرعون فخذلنا بحقنا فقال إئتوني بقاتله ومن يشهد عليه فطلبوا ذلك فبينا هم يطوفون إذ مر موسى من الغد فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا فاستغاثه على الفرعوني فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس وكره الذي رأى، فغضب موسى (ع) فمد يده وهو يريد ان يبطش بالفرعوني، فقال للإسرائيلي: انك لغوي مبين، فخاف الإسرائيلي من موسى ان يبطش به من اجل انه أغلظ له الكلام فظن أنه يريد قتله فقال له يا موسى (أتريد ان تقتلني...) الآية.
وانما قال ذلك مخافة من موسى وظنا ان يكون إياه أراد، وإنما أراد