الفرعوني فتتاركا وذهب إلى فرعون وأخبره بما سمع من الإسرائيلي، فأرسل فرعون الذباحين وأمرهم بقتل موسى وقال لهم اطلبوه في الطرق فإنه غلام لا يهتدي إلى الطريق فجاءه رجل من أقصى المدينة من شيعته يقال له: حزقيل وكان على تقية من دين إبراهيم الخليل وكان أول من صدق بموسى وآمن به.
(وروي) عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سيأتي الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب ياسين، وعلي بن أبي طالب (ع) وهو أفضلهم. فجاء حزقيل فاختصر طريقا حتى سبق الذباحين إليه، وأخبره بما هم به فرعون. فذلك قوله (فجاء رجل من أقصى المدينة...) الآية.
فتحير موسى ولم يدر أين يذهب فجاء ملك على فرس بيده عنزة فقال:
اتبعني فتبعه فهداه إلى مدين وكان مسيرة ثمان ليال ولم يكن له طعام الا ورق الشجر، فما وصل إليها حتى جف قدميه وان خضرة البقل تتراءى من بطنه، ثم انه اتصل بشعيب وبقى عنده المدة المشروطة، فلما قضى أتم الأجلين وسار بأهله منفصلا من ارض مدين يؤم الشام ومعه أغنامه وامرأته وهي في شهرها، فانطلق في برية الشام عادلا عن المدائن والعمران مخافة الملوك الذين كانوا بالشام، فسار غير عارف بالطريق حتى انتهى إلى جانب الطور الغربي الأيمن في عشية شتائية شديدة البرد واظلم عليه الليل واخذت السماء ترعد وتبرق وتمطر واخذ امرأته الطلق وعمد موسى إلى زنده وقدحه مرات فلم تور، فتحير وقام وقعد واخذ يتأمل ما قرب وما بعد، تحيرا وزجرا، فبينا هو كذلك إذ أنس من جانب الطور نارا، فحسبه نارا، فقال لأهله: امكثوا (اني آنست نارا لعلي آتيكم بقبس أو أجد على النار هدى) يعني من يدلني على الطريق. وقد كان ظل الطريق، فلما اتاها رأى نورا عظيما ممتدا من عنان السماء إلى شجرة عظيمة هناك. واختلفوا فيها. فقيل: العوسجة. وقيل: العناب.
فتحير موسى وارتعدت فرائصه حيث رأى نارا عظيمة ليس لها دخان يلتهب