يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الامر وكانت ليلة قمراء، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى عليه السلام وكان في ذلك الوقت حدث السن وقد خرج من دار فرعون يظهر النزاهة فعدل عن موكبه واقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز.
فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت، فقام إليه وانكب على قدميه يقبلهما ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك فلما رأى الشيعة ذلك علموا انه صاحبهم فأكبوا على الأرض شكرا لله عز وجل فلم يزدهم الا ان قال أرجو الله ان يعجل فرجكم ثم غاب بعد ذلك وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام.
فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى وكانت نيفا وخمسين سنة واشتدت البلوى عليهم واستتر الفقيه فبعثوا إليه لا صبر لنا على استتارك عنا فخرج إلى بعض الصحاري واستدعاهم وطيب قلوبهم وأعلمهم ان الله عز وجل أوحى إليه: انه مفرج عنهم بعد أربعين سنة، فقالوا بأجمعهم الحمد لله، فأوحى الله عز وجل قل لهم قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم الحمد. فقالوا كل نعمة من الله. فأوحى الله إليه قل لهم قد جعلتها عشرين سنة. فقالوا لا يأتي بالخير الا الله. فأوحى الله إليه قل لهم قد جعلتها عشرا. فقالوا لا يصرف الشر الا الله. فأوحى الله إليه قال لهم لا تبرحوا فقد أذنت في فرجكم فبينا هم كذلك إذ طلع موسى (ع) راكبا حمارا. فأراد الفقيه ان يعرف الشيعة ما يستبصرون به. وجاء موسى حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه ما اسمك؟ فقال: موسى بن عمران بن وهيب بن لاوي بن يعقوب قال بماذا جئت؟ قال بالرسالة من عند الله عز وجل. فقام إليه فقبل يده. ثم جلس بينهم وطيب نفوسهم وأمرهم امره ثم فرقهم، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة.
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام: كان شعيب يزور موسى كل سنة. فإذا اكل قام موسى على رأسه وكسر له الخبز.
أقول: فيه اشعار باستحباب قيام صاحب المنزل على رأس ضيفة وان يخدمه مثل هذه الخدمة ونحوهما مما يزيد عليها بمفهوم المخالفة وما ينقص عنها بمفهوم الموافقة.