فقال يعقوب: ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف وأشفقه على قميصه حيث اكل يوسف ولم يمزق قميصه؟ فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر، (فقال العزيز لامرأته أكرمي مثواه) أي مكانه - (عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا) ولم يكن لهم ولد، فأكرموه وربوه، فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز وكانت لا تنظر إلى يوسف امرأة الا هوته ولا رجل إلا أحبه وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر فراودته امرأة العزيز كما قال تعالى (وراودته التي هو في بيتها...) الآية.
فما زالت تخدعه حتى كان كما قال الله تعالى: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) فقامت امرأة العزيز وغلقت الأبواب، فلما رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا على إصبعه يقول: يا يوسف أنت في السماء مكتوب في النبيين وتريد ان تكتب في الأرض من الزناة؟ فعلم أنه قد أخطأ وتعدى.
وعن أبي عبد الله عليه السلام: لما همت به وهم بها قامت إلى صنم في بيتها فألقت عليه ثوبا وقالت لا يرانا فاني استحي منه، فقال يوسف فأنت تستحين من صنم لا يسمع ولا يبصر، وانا لا استحي من ربي؟ فوثب وعدا وعدت من خلفه وأدركهما العزيز على هذه الحالة، وهو قوله عز وجل (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب) فبادرت امرأة العزيز فقالت له (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا ان يسجن أو عذاب اليم) فقال يوسف للعزيز (هي راودتني عن نفسي) فألهم الله يوسف ان قال للملك سل هذا الصبي في المهد فإنه يشهد انها راودتني عن نفسي فقال العزيز للصبي فأنطق الله الصبي في المهد ليوسف حتى قال: (ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين).
فلما رأى العزيز قميص يوسف قد تخرق من دبر، قال لامرأته (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم) ثم قال ليوسف اعرض عن هذا، واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين.