كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٣
ويسقى من ماء صديد) (1) فنصب المصحف ورماه حتى خرقه، وقال في ذلك (2):
أتوعد كل جبار عنيد * فها أنا ذاك جبار عنيد إذ ما جئت ربك يوم حشر * فقل يا رب مزقني الوليد فقال له هشام: ويحك يا وليد! والله لا أدري على الاسلام أنت أم لا! ما تدع شيئا من المنكر إلا أتيته غير متحاش فيه، فكتب إليه الوليد هذا (3):
يا أيها السائل عن ديننا * نحن على دين أبي شاكر نشربها صرفا وممزوجة * بالسخن أحيانا وبالفاتر فغضب هشام على ابنه مسلمة وكان يكنى أبا شاكر، وقال له: يعيرني بك الوليد وأنا أرشحك للخلافة فالزم الأدب واحضر الجماعة، وولاه الموسم سنة تسع عشرة (4) ومائة، فأظهر النسك والوقار واللين، وقسم بمكة والمدينة أموالا، فقال مولى لأهل المدينة هذه الأبيات (5):
يا أيها السائل عن ديننا * نحن على دين أبي شاكر الواهب‌ الجرد بأرسانها * ليس بزنديق ولا كافر يعرض (6) بالوليد بن يزيد، وأم مسلمة: أم حكيم بنت يحيى بن الحكم بن أبي العاص. وكان الوليد شديد البطش طويل أصابع الرجلين، حتى كان ينزع سكة حديد بخيط يشد في رجله على الدابة ويثب ولا يمس الدابة.
وكان هشام طرد الوليد إلى مفازة (7) وقطع منه الارزاق والرسوم ليهلكه، وبقي

(1) سورة إبراهيم الآيتان 15 و 16.
(2) البيتان في الأغاني 7 / 49 ومروج الذهب 3 / 263 وابن الأثير 3 / 411 وانظر نهاية الإرب 21 / 484 والفخري ص 134.
(3) البيتان في الطبري 7 / 210 وابن الأثير 3 / 394 والأغاني 7 / 3 نسبهما إلى عبد الصمد بن عبد الاعلى - مؤدبه ونحله إياهما.
(4) في الأغاني: سبع عشرة.
(5) البيتان في الطبري 7 / 210 وابن الأثير 3 / 394 والأغاني 7 / 4.
(6) عن الطبري، وبالأصل (يعترض).
(7) في ابن الأثير: (نزل بالأزرق على ماء له). وفي الطبري: (بين أرض بلقين وفزارة، على ما ء يقال له الأغدف) وفي الأغاني (الأبرق).
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست