وصلوا. ثم استووا على ظهور خيولهم وخرجوا إلى القوم حتى صافوهم، وتقدم رجل من أصحاب يحيى بن زيد حتى واقف أمام أصحابه وأنشأ يقول:
أيها المجلب الواجد علينا * كيف ترجو النجاة يوم الحساب أعلى أحمد النبي اعتقدتم * خيبته الرؤوس والأذناب قال: ثم حمل قائل هذه الأبيات بين يدي يحيى بن زيد، فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة ثم رجع، فقال: هل وفيت يا بن رسول الله؟ فقال يحيى: نعم وزاد على الوفاء. قال: ثم حمل يحيى بن زيد في جميع أصحابه على القوم، فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم مقتلة عظيمة، وجعلت السهام تأخذه من كل ناحية حتى أثخن بالجراحات، ورق أصحابه حتى بقي في خمسين رجلا، فالتفت إليهم يحيى بن زيد فقال: أيها الناس! أنتم في حل من بيعتي فمن شاء أن يثبت معي فليثبت [ومن شاء أن يرجع -] إلى هؤلاء الفوم فليفعل، وأما أنا فلست بارحا من هذا الوقت حتى يقضي الله من أمره ما يشاء. قال فقال له أصحابه: لا والله يا بن رسول الله لا فارقناك أبدا أو لا يبقى منا أحد، فقال يحيى بن زيد: جزاكم الله خيرا من قوم فلقد قاتلتم ووفيتم! ثم حمل وحملوا عليهم معه، فلم يزل يقاتل هو وأصحابه حتى قتلوا بأجمعهم وبقي وحده، فجعل يحمل عليهم والسهام تأخذه من كل ناحية حتى سقط إلى الأرض (1)، وأقبل سالم بن أحوز حتى وقف عليه ثم قال لأصحابه: انزلوا فخذوا رأسه! قال: فنزل إليه سورة بن محمد بن عزيز الكندي فاحتز رأسه - رحمة الله عليه -! فأنشأ عبد الله بن عرين العبدي يقول:
قتلوا مسلما على غير جرم * لا ينجو من فتنة الدجال يوم ولوا شتى عباديد عنه * كنعام هربن من أحبال وأبت نفسه الفرار حفاظا * حين ساروا لقتله الضلال ثم سلبوا يحيى ما كان عليه من درعه وثيابه وسلاحه وتركوه عريانا بصحراء لجوزجان. قال: وساروا برأسه إلى نصر بن سيار، فوجه نصر بالرأس إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان وخبره في كتابه بما كان من أمره. ثم أرسل نصر بن سيار إلى موضع يحيى بن زيد الذي هو فيه مدفون فاستخرجوه، واستخرجوا أخاه أبا