اللخم (1) أبدا! فصاح به يحيى بن نعيم الربعي (2): يا بن الفاعلة إن كنت صادقا فاثبت لنا! ثم حمل الفريقان بعضهم على بعض، فقتل من أصحاب الكرماني ثمانية نفر ومن أصحاب نصر بن سيار سبعون رجلا، وانهزم عصمة بن عبد الله الأسدي وأصحابه، وأصحاب الكرماني في أقفيتهم حتى ألحقوهم بصاحبهم. فأقبل عصمة بن عبد الله مجروحا لما به حتى دخل على نصر بن سيار فخبره بذلك. فلم يزل نصر يوجه إلى حرب الكرماني واحدا بعد واحد حتى وجه إليه سبعة قواد، ما منهم قائد إلا يرجع مفلولا ومجروحا، حتى كان آخر قائد وجه به إليه مالك بن عمرو الحماني (3) وكان من المعدودين في بني تميم، فصار إلى باب الكرماني في قريب من أربعة آلاف فارس، ثم وقف وصاح بابن المثنى: إن كنت رجلا فابرز إلي وذر الناس جانبا! فقال له محمد بن المثنى: قد أنصفت يا أخا تميم! ثم برز إليه والتقيا للضراب فبدره التميمي بضربة على حبل عاتقه فقطع درعه، وضربه محمد بعمود كان في يده على بيضته فهشم البيضة حتى وصل العمود إلى رأس التميمي فجندله صريعا. قال: والتحم القتال والامر بين الفريقين، فاقتتلوا ساعة، وجعل نصر بن سيار يمد أصحابه والكرماني يمد أصحابه، حتى كثرت من الجانبين القتلى يومهم ذلك. وغلق أهل مرو أبواب حوانيتهم وأبواب دورهم وعطلت الأسواق.
قال: ثم تواعد القوم وخرجوا إلى موضع يقال له الجياد (4)، فخندقوا على أنفسهم وجعلوا يقتتلون الليل والنهار، حتى اقتتلوا سنة كاملة لا يفترون ولا يملون.
قال: وكتب نصر بن سيار إلى مروان بن محمد بهذه الأبيات:
أبلغ أمير المؤمنين رسالة * مخبرة عن محكمات الرسائل بأن عداة الله أضحوا بأرضنا * يسوموننا اطفاء حق بباطل ونحن حماة الدين نسمو إليهم * بأسيافنا والمسندات الأوائل قال: فلما ورد هذا الشعر على مروان بن محمد اغتم لذلك غما شديدا،