فخرج سورة بن الحر من مدينة سمرقند في عشرين ألفا من أصحابه وممن اتبعه من أهل سمرقند. قال: وعلم خاقان بذلك فقال لأصحابه: ذروا عنكم الجنيد بن عبد الرحمن، واعطفوا بنا إلى سورة بن الحر وأصحابه! قال: فعطفت الترك والسغد نحو المسلمين الذين خرجوا من مدينة سمرقند، والتقى القوم للقتال، والجنيد بن عبد الرحمن لا يعلم بذلك ولا يرحل بعد من موضعه، فاقتتل المسلمون مع الترك قتالا شديدا، فلم يكن لهم بهم طاقة، فقتلوا المسلمين بأجمعهم رحمة الله عليهم (1).
قال: وإذا برجل من أهل سمرقند قد أقبل مكتوفا وفي عنقه رأس ابن الحر، قال: فنظر إليه الجنيد بن عبد الرحمن من بعيد فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قتل والله سورة بن الحر وأصحابه! قال: وضج المسلمون بالبكاء والنحيب، فأنشأ رجل من أصحاب الجنيد يقول:
تطاول ما أنان علي ليلي * ولكن لا يطول على النيام إذا أغفيت أرقت نوم عيني * حوادث قد أنحن على التمام مصاب عشيرتي وجلاء ثغري * على مر المصيبات العظام قال: وشمت نصر بن سيار بالجنيد بن عبد الرحمن فجعل يعرض (2) به وهو يقول: (3) أبغضت من عينك (4) تبريحها * وصورة في جسد فاسد كنت تظن الحرب إذ رمتها * كشربك القرقف والبارد (5) تلعب (6) بك الترك وأبناؤها * لعب صقور بقطا وارد قال: ثم أرسل الجنيد بن عبد الرحمن إلى مرو وبخارستان وإلى جميع من كان على دين الاسلام فحشرهم إليه، ثم عرضهم فكانوا ثلاثة وأربعين ألفا، فضمهم