أخي أنت [و -] مولاي * ومن أشكر نعماه فما أحببت من أمر * فإني الدهر أهواه وما تكره من شيء * فإني لست أرضاه لك الله على ذاك * لك الله لك الله فقال رجل من إخوته (1) للمأمون: يا أمير المؤمنين! إن عبد الله بن طاهر يميل إلى ولد أبي طالب وكذا كان أبوه قبله. فلما سمع المأمون ذلك اغتم غما شديدا ودس عليه رجلا في هيئة الفقراء والزهاد والنساك وأنفذه إلى مصر، فقال له: ادع جماعة من كبرائها إلى القاسم بن إبراهيم بن طباطبا واذكر من مناقبه شيئا ثم صر بعد ذلك إلى بعض بطانة عبد الله بن طاهر، ثم ائته وادعه وابحث معه عن دفين نيته بحثا شافيا وأتني بما تسمع منه. فعمل الرجل ذلك ودعا جماعة إلى ما أوصاه المأمون.
ثم كتب رقعة إلى عبد الله ودفعها إليه وقت ركوبه، فلما انصرف خرج الحاجب إليه فأدخله عليه وهو قاعده وحده، فقال له: قد فهمت جملة من كلامك، فهات ما عندك! فقال الرجل: ولي أمانك وثقة الله (2)؟ قال: لك ذلك، فأظهر له ما أراد ودعاه إلى القاسم، فقال له عبد الله: أتنصفني أيها الرجل؟ قال: نعم، [قال] فهل يجب الشكر لله على العباد؟ قال: نعم، قال: فهل يجب الشكر للناس بعضهم لبعض عند الاحسان؟ قال: نعم، قال: فتجيء إلي وأنا على هذه الحالة التي ترى، ولي خاتم بالمشرق وخاتم بالمغرب وفيما بينهما أمري مطاع وقولي مقبول، ثم إني إذا التفت عن يميني وشمالي فأرى نعمة هذا الرجل لي غامرة قد ملك بها رقبتي فتدعوني إلى الكفر بهذه النعم، وتقول لي اغتدر، والله لو دعوتني إلى الجنة عيانا لما نكثت بيعة هذا الرجل، فسكت الرجل. ثم إن عبد الله قال للرجل: والله إني أخاف على نفسك فارحل عن هذا البلد لتسلم.
فلما أيس الرجل من عبد الله بن طاهر وأنه لم يستجب له بشيء مما حدثه عاد الرجل قافلا إلى بغداد، فوصل إلى المأمون فأخبره الخبر، فسر المأمون وقال:
ذلك غرس يدي وترب تلقيحي، فلا تظهرن لاحد من ذلك شيئا.
وفي هذه السنة وهي سنة إحدى عشرة (3) ومائتين نادى المأمون: برئت الذمة