اعتل من حمى وحرارة (1)، فوجد في فراشه ميتا. وكان قبل وفاته بيوم صعد المنبر فخطب، فلما بلغ إلى ذكر الخليفة أمسك عن الدعاء له وخلعه وقال: اللهم أصلح أمة محمد بما أصلحت به أنبياءك واكفها مؤنة من بغي عليها! وكان كلثوم بن (2) ثابت بن أبي سعد (2) على بريد خراسان اتقى لنفسه ولمن يخصه فقال: أنا مقتول لأني لا أكتم الخبر. قال: فانصرفت فاغتلست غسل الموتى وائتزرت بإزار ولبست قميصا وطرحت السواد عني وكتبت إلى المأمون، فلما صلى العصر دعاني فحدث ما حدث. فخرج طلحة بن طاهر فقال: ردوه! فردوني وقد خرجت، فقال لي: قد كتبت بما كان؟ [قلت: نعم -] (3)، قال: فاكتب بوفاته! فأعطاني خمسة آلاف درهم ومائتي ثوب، فكتبت بوفاته وبقيام طلحة بن طاهر بالجيش. قال: فوردت الخريطة على المأمون بخلعه غدوة ودعا بابن أبي خالد فقال له: اشخص وائت به كما ضمنته. قال: أبيت ليلتي! فأذن لي بعد ج هد، ووافت الخريطة بموته ليلا فدعاه فقال: قد مات. قال: فمن ترى؟ قال: ابنه طلحة، فقال: هو الصواب.
قال: فاكتب بولايته، فكتب. وأقام طلحة واليا على خراسان في أيام المأمون ست سنين بعد موت أبيه طاهر ثم توفي، وولى عبد الله بن طاهر خراسان، فكان يتولى قتال بابل (4)، فأقام بالدينور (5) ووجه الجيوش. فلما وردت وفاة طلحة على المأمون بعث يحيى بن أكثم إلى عبد الله بن طاهر يعزيه في أخيه ويهنئه بولاية خراسان.
وولى علي بن هشام حرب بابل (6). ولما أتى المأمون نعي طاهر بن الحسين قال:
الحمد لله الذي قدمه وأخرنا.
فلما فتح عبد الله بن طاهر مصر وصار واليا عليها وعلى الشام كتب إلى المأمون كتابا، فكتب المأمون جوابه في ظهر الكتاب الذي له وهو يقول: