يقال له هرثمة بن أعين في جيش عظيم، فأطال محاربته فلم يظفر منه بشيء، فاشتد ذلك على الرشيد، ثم إنه كتب إلى رافع بن الليث كتابا لطيفا يسأله فيه أن يرجع عما هو عليه على أن يعطيه الرضا ويوليه خراسان وسائر أرضها وبلادها، فأبى رافع بن الليث أن يقبل شيئا من ذلك وجعل يتغلب على مدينة بعد مدينة فيأخذها، حتى احتوى على جميع بلاد خراسان. ثم كتب إلى الرشيد بهذه الأبيات يقول:
ليت الهوى والهجر والنار * وكل بكاء على الدار ما الفخر لوم الناس إلا الوغى * في جحفل للموت جرار وبدلت ما تكسبه بالقنا * في حالتي عسر وأيسار النار لا العار فكن امرءا * فر من العار إلى النار فهنىء بأخلاق كنانية * عرفن في نصر وسيار وهن في ليث وفي رافع * تراث خيار لخيار ثم أمر (1) بضرب الطبول وتهيأ للرحيل وأعطى الناس الارزاق ثم خرج من بغداد في جيش عظيم (2)، وقد كان يجد علة في بدنه فيسأل الأطباء عن علته، فيهونون عليه الامر ويعدونه بالسلامة والبرء من وجعه، فلم يزل كذلك يقطع البلاد حتى صار إلى طوس فنزلها، ثم دعا بابنه المأمون وضم إليه جيشا ووجه به إلى مرو، وأمره أن ينزل بها ويوجه بالجيش إلى رافع بن الليث. قال: وسار المأمون حتى نزل إلى مدينة مرو، ودامت الحروب بين المأمون ورافع بن الليث، فاجتمعت العساكر على رافع بن الليث من كل جانب، فجعل يحاربهم حربا شديدا ولا يفتر من ذلك، وفي وجهه وجوه القواد مثل علي بن عيسى وهرثمة بن أعين زن أشبههما من القواد، والمأمون مقيم بمرو.
قال: واشتدت العلة بالرشيد وضعف ضعفا شديدا، ثم جعل يقول: صبرا لامر الله، وينشد:
وإني من قوم كرام يزيدهم * رخاء وصبرا شدة الحدثان (3) ثم إنه استراب بما كانت الأطباء تعده وتمنيه من الصحة والعافية. قال: