وسار منها حتى وافى جرجان، وبها يومئذ رجل من قبل بني هبيرة (1) يقال له نباتة بن حنظلة الكلابي (2) في جمع عظيم من أهل الشام والعراق، وقد خندق على نفسه خندقا يتحصن به من قحطبة بن شبيب وأصحابه. قال: ودنا إليهم قحطبة بن شبيب وأصحابه. قال: فجعل على ميمنته خالد بن برمك، وعلى ميسرته أسد بن عبد الله الخزاعي، وعلى الجناح موسى بن كعب العقيلي. ثم أقبل قحطبة على أصحابه فقال: أيها الناس! أتدرون من تقاتلون! إنما تقاتلون قوما حرقوا (3) كتاب الله وبدلوا دينه وتولوا عن أمره، وإن هذه البلاد كانت لابائهم (4) الأولين وكانوا ينصرون على عدوهم بالعدل والاحسان، ثم بدلوا وغيروا وظلموا فسخط الله عليهم وانتزع سلطانهم وسلط (5) عليهم أذل أمة كانت من الأرض، ثم بدلوا فغلبوهم على بلادهم واستنكحوا نساءهم واسترقوا أولادهم وقتلوا آباءهم، فلم يزالوا ع لي ذلك من حالهم إلى وقتهم هذا، فرفع الله رأسكم وأعلى أمركم، ثم جاء بكم إليهم وسلطكم عليهم وينتقم منهم بكم، ألا! وقد عهد إلي الأمير أمير آل محمد صلى الله عليه وسلم بأنكم تلقونهم فيهربون وتقتلونهم بإذن الله - والله مع الصابرين - (6).
قال: ودنا قحطبة بن شبيب وأصحابه من سادات أهل خراسان إلى نباتة بن حنظلة صاحب جرجان، وذلك يوم الجمعة أول يوم من ذي الحجة (7)، فالتقوا فاقتتلوا يومهم ذلك من وقت طلوع الشمس إلى وقت الزوال، فقتل جماعة من أهل خراسان، ثم وقعت الهزيمة على أصحاب جرجان، فقتل نباتة بن حنظلة [وابنه] (8) وقتل معهما نيف عن عشرة آلاف رجل من أهل الشام، وهرب الباقون وبدد شملهم، وأمر قحطبة برأس نباتة بن حنظلة ورأس ابنه (9) أن يحملا إلى أبي مسلم،