ووجه به في طلب مروان بن محمد. قال: ومروان يومئذ بمدينة يقال لها عين شمس وهي مدينة فرعون، فجاء عامر بن إسماعيل حتى دخل المدينة في جوف الليل ونظر فإذا غلام في يده برذونة يقودها، فقال: يا غلام! لمن هذه البرذونة؟ فقال: لبعض غلمان أمير المؤمنين مروان، قال: وأين مروان؟ قال: ها هو نازل في الكنيسة.
قال: فقصدت الخيل إلى باب الكنيسة، وعلم بذلك مروان فوثب إلى درعه فأفرغه عليه وتناول سيفه وخرج إلى القول وجعل يضاربهم. قال: وجعل عامر بن إسماعيل يقول لأصحابه بالفارسية: دهيد يا جوانگان! فبينما مروان كذلك إذ حمل عليه رجل من أصحاب عامر بن إسماعيل يقال له محمد بن شهاب المازني فطعنه في خاصرته طعنة جندله قتيلا (1) وأحدقت به الخيل، ونزل إليه غلام محمد بن شهاب فاحتز رأسه، ثم وضع السيف فيمن بقي من أصحابه، فلما أفلت منهم إلا ما أخذ أسيرا.
قال: فأنشأ رجل من أهل الكوفة يقول أبياتا مطلعها:
نزع الخلافة من بني مروان * رب علا بالطول والاحسان ما زال مروان يقرب خطوة * ويحرق الأرضين بالنيران ويروغ منها في البلاد ولم يكن * قدر الاله يجل عن مروان ولقد رماهم (2) صالح بفوارس * شم الأنوف معانقي الاقران فاستخرجوه من الكنيسة صاغرا * ولعاوروه بذلة وهوان وأتاه للحين المباح فوارسا * ألقوا الطعان بساحة الميدان ساروا برأس الرجس مروان الذي * فتك الورى بالظلم والعدوان قال: ثم احتوى عامر بن إسماعيل وأصحابه على دواب مروان وأمواله وسلاحه وقليله وكثيره، وساروا برأسه إلى صالح بن علي حتى وضعوه بين يديه، فوجه صالح بالرأس إلى أخيه عبد الله بن علي (3) وهو مقيم بأرضه، فوجه به عبد الله بن علي إلى أمير المؤمنين أبي العباس.