قال: ونظر أبو مسلم إلى [أنه] لا مدد لنصر بن سيار فطمع فيما أراد من الخروج، ثم بعث إلى الكرماني أن أثبت على ما أنت عليه فأنا معك لا عليك!
قال: فصارت كلمة أبي مسلم والكرماني واحدة. والتأمت العسكران على نصر بن سيار جميعا. قال: ثم أمر أبو مسلم أصحابه بالوساد ثم كتب إلى جميع الكور بخراسان أن سودوا فإنا قد سودنا، وقد دنا زوال ملك بني أمية. قال: فسود أهل نيسابور ومرو الروذ والطالقان وما يليها وجميع الكور طاعة لأبي مسلم. قال المدائني: وإنما أمرهم أبو مسلم بالسواد لأنه جعل السواد حدادا لمصيبة زيد بن علي ويحيى بن زيد رضي الله عنهما. قال: فلم يبق مدينة بخراسان إلا لبسوا السواد وجعلوا ينوحون وينعون على زيد بن علي ويحيى بن زيد ويذكرون مقتلهما.
قال: ثم بعث أبو مسلم إلى الجوزجان (1) وإلى نهاوند وبها يومئذ يحيى بن زيد مصلوب، فأمر به فأنزل من خشبته وكفن وصلوا عليه ودفن. ثم جعل أبو مسلم يتبع قتلته - أي يحيى بن زيد - فيقتلهم تحت كل حجر ومدر، حتى قتل بيحيى بن زيد وزيد بن علي ثمانون ألفا أو يزيدون من شيعة بني أمية ومن شارك في دم يحيى بن زيد حتى قتل ولد الولد، وهو الذي يقول:
أجيبوا عباد الله آل محمد * فذا عنهم الداعي يحاب ويكرم قتلت بزيد بن الحسين وابنه * ثمانين ألفا من كمي ومعلم قال: فعندها أعطى نصر بن سيار بيده واتقى على نفسه، ثم كتب إلى أهل مرو وغيرهم ممن قد علم أنهم على رأيه ومذهبه، وسألهم أن ينصروه ويقيموا معه ويوازروه على حرب الكرماني وأبي مسلم، وكتب إليهم بهذه الأبيات (2):
أبلغ ربيعة في مرو وإخوتها * فليغضبوا (3) قبل أن لا ينفع الغضب ولينصبوا الحرب إن القوم قد نصبت * حربا يحرق من حافاتها الحطب (4) ما بالكم تلحقون الحرب بينكم * كأن أهل الحجى عن فعلكم غيب