وكتب إليه بالفتح. ثم إنه دخل مدينة جرجان، فقتل من أهلها جماعة (1) ممن كان يرى برأي بني أمية، ثم جبى خراجها جميعه فأعطى أصحابه بعض ذلك، ووجه باقي الأموال إلى أبي مسلم، ثم نقلوا منها إلى الدامغان وإلى سمنان (2) فلم يمنعه مانع، فجبى خراجها ووجه به إلى أبي مسلم.
ثم سار إلى الري فنزلها فلم يحاربه أحد من أهلها، وكتب إليه يستأذنه في التقدم إلى غيرها. قال: فكتب إليه أبو مسلم يستأمره بالمسير إلى أصبهان. قال:
فرحل قحطبة من الري في جيشه ذلك يريد أصبهان، ثم سار إلى قاشان، وبلغ ذلك عامر بن ضبارة، فخرج في مائة ألف (3) أو يزيدون. قال: ودنا قحطبة بمصحف كان معه وأمر به، فعلق في رأس رمح طويل، ثم نادى مناديه: يا أهل الشام! ندعوكم إلي ما في هذا المصحف من تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم وتفضيل بني هاشم! قال: وكان أصحاب عامر بن ضبارة يشتمون قحطبة ويشتمون أبا مسلم وولد العباس، فقال قحطبة لأصحابه: احملوا عليهم وقولوا (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) قال: فحمل الفريقان بعضهم على بعض، واقتتلوا ساعة من النهار، فقتل من أصحاب قحطبة نفر يسير، وقتل عامر بن ضبارة صاحب أصبهان. وقتل من حضر من أهل الشام وغيرهم خلق كثير لا يحصون كثرة. وبعث قحطبة برأس عامر بن ضبارة إلى أبي مسلم وكتب إليه بالفتح، ثم إنه دخل مدينة أصبهان، فقتل منها من قتل، وجبى خراجها ووجه به إلى أبي مسلم.
ثم سار منها إلى نهاوند وبها يومئذ مالك بن أدهم بن محرز الباهلي والحكم بن ثابت بن مسعر الخثعمي (4). وبها أيضا أولاد نصر بن سيار في جماعة من أصحاب أبيهم. قال: فنزل قحطبة وأصحابه على نهاوند، فحاصروا القوم حصارا شديدا وضيق عليهم غاية الضيق ووضع عليهم المناجيق، فجعل يرميهم ليلا ونهارا. وهو مع ذلك يدعوهم إلى طاعة أبي مسلم وهم لا يجيبون إلى ذلك. قال: فبينما القوم في محاربة أهل نهاوند إذ أرسل مالك بن أدهم الباهلي يسأله أن يعطي له ولأصحابه